صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "يا أهل الكتاب" ، يا أهل الإنجيل من النصارى "لا تغلوا في دينكم" ، يقول : لا تجاوزوا الحق في دينكم فتفرطوا فيه ، ولا تقولوا في عيسى غير الحق ، فإن قيلكم في عيسى إنه ابن الله ، قول منكم [ ص: 416 ] على الله غير الحق . لأن الله لم يتخذ ولدا فيكون عيسى أو غيره من خلقه له ابنا"ولا تقولوا على الله إلا الحق" .

وأصل "الغلو" ، في كل شيء مجاوزة حده الذي هو حده . يقال منه في الدين : "قد غلا فهو يغلو غلوا" ، و"غلا بالجارية عظمها ولحمها" ، إذا أسرعت الشباب فجاوزت لداتها"يغلو بها غلوا ، وغلاء" ، ومن ذلك قول الحارث بن خالد المخزومي :


خمصانة قلق موشحها رؤد الشباب غلا بها عظم



وقد : -

10853 - حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، [ ص: 417 ] عن أبيه ، عن الربيع قال : صاروا فريقين : فريق غلوا في الدين ، فكان غلوهم فيه الشك فيه والرغبة عنه ، وفريق منهم قصروا عنه ، ففسقوا عن أمر ربهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية