صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( أحلت لكم بهيمة الأنعام )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في "بهيمة الأنعام" التي ذكر الله عز ذكره في هذه الآية أنه أحلها لنا .

فقال بعضهم : هي الأنعام كلها .

ذكر من قال ذلك :

10915 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن عوف ، عن الحسن قال : بهيمة الأنعام ، هي الإبل والبقر والغنم .

10916 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " أحلت لكم بهيمة الأنعام " ، قال : الأنعام كلها .

10917 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا ابن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " أحلت لكم بهيمة الأنعام " ، قال : الأنعام كلها .

10918 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس في قوله : " أحلت لكم بهيمة الأنعام " ، قال : الأنعام كلها .

10920 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، [ ص: 456 ] أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " بهيمة الأنعام " ، هي الأنعام .

وقال آخرون : بل عنى بقوله : " أحلت لكم بهيمة الأنعام " ، أجنة الأنعام التي توجد في بطون أمهاتها - إذا نحرت أو ذبحت - ميتة .

ذكر من قال ذلك :

10921 - حدثني الحارث بن محمد قال : حدثنا عبد العزيز قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن الفزاري ، عن عطية العوفي ، عن ابن عمر في قوله : " أحلت لكم بهيمة الأنعام قال : ما في بطونها . قال قلت : إن خرج ميتا آكله ؟ قال : نعم .

10922 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا يحيى بن زكريا ، عن إدريس الأودي ، عن عطية ، عن ابن عمر نحوه وزاد فيه قال : نعم ، هو بمنزلة رئتها وكبدها .

10923 - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : الجنين من بهيمة الأنعام ، فكلوه .

10924 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن مسعر وسفيان ، عن قابوس عن أبيه ، عن ابن عباس : أن بقرة نحرت فوجد في بطنها جنين ، فأخذ ابن عباس بذنب الجنين فقال : هذا من بهيمة الأنعام التي أحلت لكم .

10925 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : هو من بهيمة الأنعام .

10926 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو عاصم ومؤمل قالا حدثنا سفيان ، عن قابوس ، عن أبيه قال : ذبحنا بقرة ، فإذا في بطنها جنين ، فسألنا ابن عباس فقال : هذه بهيمة الأنعام .

قال أبو جعفر : وأولى القولين بالصواب في ذلك ، قول من قال : عنى [ ص: 457 ] بقوله : " أحلت لكم بهيمة الأنعام " ، الأنعام كلها : أجنتها وسخالها وكبارها . لأن العرب لا تمتنع من تسمية جميع ذلك"بهيمة وبهائم" ، ولم يخصص الله منها شيئا دون شيء . فذلك على عمومه وظاهره ، حتى تأتي حجة بخصوصه يجب التسليم لها .

وأما "النعم" فإنها عند العرب ، اسم للإبل والبقر والغنم خاصة ، كما قال جل ثناؤه : ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ) ، [ سورة النحل : 5 ] ، ثم قال : ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ) [ سورة النحل : 8 ] ، ففصل جنس النعم من غيرها من أجناس الحيوان .

وأما "بهائمها" ، فإنها أولادها . وإنما قلنا يلزم الكبار منها اسم "بهيمة" ، كما يلزم الصغار ، لأن معنى قول القائل : "بهيمة الأنعام" ، نظير قوله : "ولد الأنعام" . فلما كان لا يسقط معنى الولادة عنه بعد الكبر ، فكذلك لا يسقط عنه اسم البهيمة بعد الكبر .

وقد قال قوم : "بهيمة الأنعام" ، وحشيها ، كالظباء وبقر الوحش والحمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية