القول في تأويل قوله عز ذكره ( 
وامسحوا برءوسكم  ) 
قال 
أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في 
صفة "المسح" الذي أمر الله به بقوله : "وامسحوا برءوسكم" . 
فقال بعضهم : وامسحوا بما بدا لكم أن تمسحوا به من رءوسكم بالماء ، إذا قمتم إلى الصلاة . 
ذكر من قال ذلك : 
11433 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17206نصر بن علي الجهضمي  قال : حدثنا 
حماد بن مسعدة ،  عن 
عيسى بن حفص  قال : ذكر عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد  مسح الرأس فقال : يا 
نافع  كيف كان 
ابن عمر  يمسح؟ فقال : مسحة واحدة ووصف أنه مسح مقدم رأسه إلى وجهه فقال 
القاسم   : 
ابن عمر  أفقهنا وأعلمنا  . 
11434 - حدثنا 
ابن بشار  قال : حدثنا 
عبد الوهاب  قال : سمعت 
يحيى بن سعيد  يقول : أخبرني 
نافع   : أن 
ابن عمر  كان إذا توضأ رد كفه اليمنى إلى الماء ووضعهما فيه ، ثم مسح بيديه مقدم رأسه  . 
11435 - حدثنا 
ابن بشار  قال : حدثنا 
محمد بن بكير ،  قال أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : أخبرني 
نافع   : أن 
ابن عمر  كان يضع بطن كفه اليمنى على الماء ،  
[ ص: 49 ] 
لا ينفضهما ثم يمسح بها ما بين قرنيه إلى الجبين واحدة ، ثم لا يزيد عليها ، في كل ذلك مسحة واحدة مقبلة من الجبين إلى القرن  . 
11436 - حدثنا 
تميم بن المنتصر  قال : حدثنا 
إسحاق  قال : أخبرنا 
شريك ،  عن 
يحيى بن سعيد الأنصاري ،  عن 
نافع ،  عن 
ابن عمر   : أنه كان إذا توضأ مسح مقدم رأسه  . 
11437 - حدثنا 
تميم بن المنتصر  قال : أخبرنا 
إسحاق  قال : أخبرنا 
شريك ،  عن 
عبد الأعلى الثعلبي ،  عن 
عبد الرحمن بن أبي ليلى  قال : يجزيك أن تمسح مقدم رأسك إذا كنت معتمرا . وكذلك تفعل المرأة  . 
11438 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
عبد الله الأشجعي ،  عن 
سفيان ،  عن 
ابن عجلان ،  عن 
نافع  قال : رأيت 
ابن عمر  مسح بيافوخه مسحة وقال 
سفيان   : إن مسح شعرة أجزأه - يعني : واحدة - . 
11439 - حدثنا 
أبو هشام  قال : حدثنا 
عبد السلام بن حرب  قال : أخبرنا 
مغيرة ،  عن 
إبراهيم  قال : أي جوانب رأسك أمسست الماء أجزأك  . 
11440 - حدثنا 
أبو هشام  قال : حدثنا 
علي بن ظبيان  قال : حدثنا 
إسماعيل بن أبي خالد ،  عن 
الشعبي ،  قال : أي جوانب رأسك أمسست الماء أجزأك  . 
11441 - حدثنا 
الرفاعي  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
إسماعيل الأزرق ،  عن 
الشعبي ،  مثله .  
[ ص: 50 ] 
11442 - حدثني 
يعقوب  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية  قال : أخبرنا 
أيوب ،  عن 
نافع  قال : كان 
ابن عمر  يمسح رأسه هكذا فوضع أيوب كفه وسط رأسه ، ثم أمرها على مقدم رأسه  . 
11443 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب ،  عن 
سفيان ،  قال : إن مسح رأسه بأصبع واحدة أجزأه  . 
11444 - حدثنا 
أبو الوليد الدمشقي  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم  قال : قلت 
لأبي عمرو   : 
ما يجزئ من مسح الرأس؟ قال : أن تمسح مقدم رأسك إلى القفا أحب إلي . 
11445 - حدثني 
العباس بن الوليد ،  عن أبيه ، عنه ، نحوه . 
وقال آخرون : معنى ذلك : فامسحوا بجميع رءوسكم . قالوا : إن لم يمسح بجميع رأسه بالماء لم تجزه الصلاة بوضوئه ذلك . 
ذكر من قال ذلك : 
11446 - حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى  قال : حدثنا 
أشهب  قال : قال 
مالك   : من مسح بعض رأسه ولم يعم أعاد الصلاة بمنزلة من غسل بعض وجهه أو بعض ذراعه . قال : وسئل 
مالك  عن مسح الرأس ، قال : يبدأ من مقدم وجهه ، فيدير يديه إلى قفاه ، ثم يردهما إلى حيث بدأ منه  . 
وقال آخرون : لا يجزئ مسح الرأس بأقل من ثلاث أصابع . وهذا قول 
أبي حنيفة ،   nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف  ومحمد   .  
[ ص: 51 ] 
قال 
أبو جعفر   : والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن الله جل ثناؤه أمر بالمسح برأسه القائم إلى صلاته مع سائر ما أمره بغسله معه أو مسحه ، ولم يحد ذلك بحد لا يجوز التقصير عنه ولا يجاوزه . وإذ كان ذلك كذلك ، فما مسح به المتوضئ من رأسه فاستحق بمسحه ذلك أن يقال : "مسح برأسه" ، فقد أدى ما فرض الله عليه من مسح ذلك لدخوله فيما لزمه اسم "ماسح برأسه" إذا قام إلى صلاته . 
فإن قال لنا قائل : فإن الله قد قال في التيمم : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) [ سورة النساء : 43 ] أفيجزئ المسح ببعض الوجه واليدين في التيمم ؟ 
قيل له : كل ما مسح من ذلك بالتراب فيما تنازعت فيه العلماء فقال بعضهم : "يجزيه ذلك من التيمم" ، وقال بعضهم : "لا يجزيه" فهو مجزئه ، لدخوله في اسم"الماسحين به" . 
وما كان من ذلك مجمعا على أنه غير مجزئه ، فمسلم لما جاءت به الحجة نقلا عن نبيها صلى الله عليه وسلم . ولا حجة لأحد علينا في ذلك ، إذ كان من قولنا : إن ما جاء في آي الكتاب عاما في معنى ، فالواجب الحكم أنه على عمومه ، 
حتى يخصه ما يجب التسليم له ، فإذا خص منه شيء ، كان ما خص منه خارجا من ظاهره ، وحكم سائره على العموم . 
وقد بينا العلة الموجبة صحة القول بذلك في غير هذا الموضع ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . 
و"الرأس" الذي أمر الله جل وعز بالمسح به بقوله : "وامسحوا برءوسكم  
[ ص: 52 ] وأرجلكم إلى الكعبين " هو منابت شعر الرأس دون ما جاوز ذلك إلى القفا مما استدبر ، ودون ما انحدر عن ذلك مما استقبل من قبل وجه إلى الجبهة .