القول في تأويل قوله عز ذكره ( 
وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء  ) 
قال 
أبو جعفر   : يعني بقوله جل ثناؤه : إن كنتم جرحى أو مجدرين وأنتم  
[ ص: 83 ] جنب 
وقد بينا أن ذلك كذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته . 
وأما قوله : "أو على سفر" فإنه يقول : وإن كنتم مسافرين وأنتم جنب "أو جاء أحد منكم من الغائط" يقول : أو جاء أحدكم وقد قضى حاجته فيه وهو مسافر . وإنما عنى بذكر مجيئه منه قضاء حاجته فيه . 
أو لامستم النساء" يقول : أو جامعتم النساء وأنتم مسافرون . وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما مضى قبل في"اللمس" وبينا أولى الأقوال في ذلك بالصواب فيما مضى بما أغنى عن إعادته . 
فإن قال قائل : وما وجه تكرير قوله : "أو لامستم النساء" إن كان معنى"اللمس" الجماع ، وقد مضى ذكر الواجب عليه بقوله : "وإن كنتم جنبا فاطهروا"؟ 
قيل : وجه تكرير ذلك أن المعنى الذي ألزمه تعالى ذكره من فرضه بقوله : "وإن كنتم جنبا فاطهروا" غير المعنى الذي ألزمه بقوله : "أو لامستم النساء" ، وذلك أنه بين حكمه في قوله : "وإن كنتم جنبا فاطهروا" إذا كان له السبيل إلى الماء الذي يطهره ، ففرض عليه الاغتسال به ، ثم بين حكمه إذا أعوزه الماء فلم يجد إليه السبيل وهو مسافر غير مريض مقيم ، فأعلمه أن التيمم بالصعيد له حينئذ الطهور .