[ ص: 377 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( 
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه  ) 
قال 
أبو جعفر   : وهذا خطاب من الله تعالى ذكره لنبيه 
محمد  صلى الله عليه وسلم . يقول تعالى ذكره : أنزلنا إليك ، يا 
محمد ،   "الكتاب " ، وهو القرآن الذي أنزله عليه ويعني بقوله : "بالحق " بالصدق ، ولا كذب فيه ، ولا شك أنه من عند الله "مصدقا لما بين يديه من الكتاب " ، يقول : أنزلناه بتصديق ما قبله من كتب الله التي أنزلها إلى أنبيائه 
"ومهيمنا عليه " ، يقول : أنزلنا الكتاب الذي أنزلناه إليك يا 
محمد  مصدقا للكتب قبله ، وشهيدا عليها أنها حق من عند الله ، أمينا عليها ، حافظا لها . 
وأصل "الهيمنة " ، الحفظ والارتقاب . يقال ، إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده : " قد هيمن فلان عليه ، فهو يهيمن هيمنة ، وهو عليه مهيمن" . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، إلا أنهم اختلفت عباراتهم عنه . 
فقال بعضهم : معناه : شهيدا . 
ذكر من قال ذلك : 
12103 م - حدثني 
المثنى  قال ، حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال ، حدثني 
معاوية بن صالح ،  عن 
علي بن أبي طلحة ،  عن 
ابن عباس  قوله : "ومهيمنا عليه " ، يقول : شهيدا . 
12104 - حدثني 
محمد بن الحسين  قال ، حدثنا 
أحمد بن مفضل  قال ، حدثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : "ومهيمنا عليه " ، قال : شهيدا عليه .  
[ ص: 378 ]  12105 - حدثني 
بشر بن معاذ  قال ، حدثنا 
يزيد  قال ، حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله : " 
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب  " ، يقول : الكتب التي خلت قبله"ومهيمنا عليه " ، أمينا وشاهدا على الكتب التي خلت قبله . 
12106 - حدثنا 
القاسم  قال ، حدثنا 
الحسين  قال ، حدثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  عن 
مجاهد   : "ومهيمنا عليه " ، مؤتمنا على القرآن ، وشاهدا ومصدقا وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   : وقال آخرون : القرآن أمين على الكتب فيما إذا أخبرنا أهل الكتاب في كتابهم بأمر ، إن كان في القرآن فصدقوا ، وإلا فكذبوا . 
وقال بعضهم معناه : أمين عليه . 
ذكر من قال ذلك : 
12107 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار  قال ، حدثنا 
عبد الرحمن  وحدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري  قال ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  جميعا ، عن 
سفيان ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن 
التميمي ،  عن 
ابن عباس   : "ومهيمنا عليه " ، قال : مؤتمنا عليه . 
12108 - حدثنا 
محمد بن عبيد المحاربي  قال ، حدثنا 
أبو الأحوص ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن 
التميمي ،  عن 
ابن عباس  في قوله : " 
ومهيمنا عليه  " ، قال : مؤتمنا عليه  . 
12109 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا 
سفيان  وإسرائيل ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن 
التميمي ،  عن 
ابن عباس ،  مثله . 
12110 - حدثنا 
هناد  قال ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
سفيان  وإسرائيل ،  عن 
أبي إسحاق ،  بإسناده عن 
ابن عباس  مثله . 
12111 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
ابن عطية  قال : حدثنا 
إسرائيل ،   [ ص: 379 ] عن 
أبي إسحاق ،  عن 
التميمي ،  عن 
ابن عباس ،  مثله . 
12112 - حدثنا 
ابن حميد  قال ، حدثنا 
حكام ،  عن 
عنبسة ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن 
التميمي ،  عن 
ابن عباس  مثله . 
12113 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
حكام ،  عن 
عمرو ،  عن 
مطرف ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن رجل من تميم ، عن 
ابن عباس ،  مثله . 
12114 - حدثنا 
المثنى  قال ، حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال ، حدثني 
معاوية بن صالح ،  عن 
علي بن أبي طلحة ،  عن 
ابن عباس  قوله : "ومهيمنا عليه " ، قال : والمهيمن الأمين : قال : القرآن أمين على كل كتاب قبله  . 
12115 - حدثني 
محمد بن سعد  قال ، حدثني أبي ، قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله : " 
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب  " ، وهو القرآن ، شاهد على التوراة والإنجيل ، مصدقا لهما "ومهيمنا عليه " ، يعني : أمينا عليه ، يحكم على ما كان قبله من الكتب  . 
12116 - حدثنا 
ابن وكيع  قال ، حدثنا 
حميد بن عبد الرحمن ،  عن 
قيس ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن 
التميمي ،  عن 
ابن عباس   : "ومهيمنا عليه " ، قال : مؤتمنا عليه  . 
12117 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ،  عن 
زهير ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن رجل من 
بني تميم ،  عن 
ابن عباس   : "ومهيمنا عليه " ، قال : مؤتمنا عليه .  
[ ص: 380 ]  12118 - حدثني 
المثنى  قال ، حدثنا 
يحيى الحماني  قال ، حدثنا 
شريك ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن 
التميمي ،  عن 
ابن عباس ،  مثله . 
12119 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  ، وحدثنا 
ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن 
سفيان  وإسرائيل ،  عن 
علي بن بذيمة ،  عن 
سعيد بن جبير   : "ومهيمنا عليه " قال : مؤتمنا على ما قبله من الكتب  . 
12120 - حدثني 
يعقوب  قال ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ،  عن 
أبي رجاء  قال : سألت 
الحسين  عن قوله : " 
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه  " ، قال : مصدقا لهذه الكتب ، وأمينا عليها . وسئل عنها 
عكرمة  وأنا أسمع فقال : مؤتمنا عليه . 
وقال آخرون : معنى"المهيمن " ، المصدق . 
ذكر من قال ذلك : 
12121 - حدثني 
يونس  قال ، أخبرنا 
ابن وهب  قال ، قال 
ابن زيد  في قوله : " 
ومهيمنا عليه  " ، قال : مصدقا عليه . كل شيء أنزله الله من توراة أو إنجيل أو زبور ، فالقرآن مصدق على ذلك . وكل شيء ذكر الله في القرآن ، فهو مصدق عليها وعلى ما حدث عنها أنه حق  . 
وقال آخرون : عنى بقوله : " 
مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه  " ، نبي الله صلى الله عليه وسلم . 
ذكر من قال ذلك : 
12122 - حدثني 
المثنى  قال ، حدثنا 
أبو حذيفة  قال ، حدثنا 
شبل ،  عن  
[ ص: 381 ] ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   : " 
ومهيمنا عليه  " ، 
محمد  صلى الله عليه وسلم ، مؤتمن على القرآن  . 
12123 - حدثنا 
محمد بن عمرو  قال ، حدثنا 
أبو عاصم  قال ، حدثنا 
عيسى ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   : "ومهيمنا عليه " ، قال : 
محمد  صلى الله عليه وسلم ، مؤتمن على القرآن  . 
قال 
أبو جعفر   : فتأويل الكلام على ما تأوله 
مجاهد   : وأنزلنا الكتاب مصدقا الكتب قبله إليك ، مهيمنا عليه فيكون قوله : "مصدقا " حالا من "الكتاب " وبعضا منه ، ويكون "التصديق " من صفة "الكتاب " ، و"المهيمن " حالا من "الكاف " التي في"إليك " ، وهي كناية عن ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، و"الهاء " في قوله : "عليه " ، عائدة على الكتاب . 
وهذا التأويل بعيد من المفهوم في كلام العرب ، بل هو خطأ . وذلك أن "المهيمن " عطف على"المصدق " ، فلا يكون إلا من صفة ما كان "المصدق " صفة له . ولو كان معنى الكلام ما روي عن 
مجاهد ،  لقيل : وأنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب مهيمنا عليه " لأنه لم يتقدم من صفة "الكاف " التي في"إليك " بعدها شيء يكون"مهيمنا عليه " عطفا عليه ، وإنما عطف به على "المصدق " ، لأنه من صفة "الكتاب " الذي من صفته "المصدق" .  
[ ص: 382 ] 
فإن ظن ظان أن "المصدق " على قول 
مجاهد  وتأويله هذا من صفة "الكاف " التي في "إليك " ، فإن قوله : "لما بين يديه من الكتاب " ، يبطل أن يكون تأويل ذلك كذلك ، وأن يكون "المصدق " من صفة "الكاف " التي في "إليك" . لأن "الهاء " في قوله : "بين يديه " ، كناية اسم غير المخاطب ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم في قوله"إليك" . ولو كان "المصدق " من صفة "الكاف " لكان الكلام : وأنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديك من الكتاب ، ومهيمنا عليه ، فيكون معنى الكلام حينئذ كذلك .