[ ص: 433 ] القول في تأويل قوله ( 
قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون  ( 59 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل ، يا 
محمد ،  لأهل الكتاب من 
اليهود  والنصارى   : يا أهل الكتاب ، هل تكرهون منا أو تجدون علينا في شيء إذ تستهزئون بديننا ، وإذ أنتم إذا نادينا إلى الصلاة اتخذتم نداءنا ذلك هزوا ولعبا "إلا أن آمنا بالله " ، يقول : إلا أن صدقنا وأقررنا بالله فوحدناه ، وبما أنزل إلينا من عند الله من الكتاب ، وما أنزل إلى أنبياء الله من الكتب من قبل كتابنا " وأن أكثركم فاسقون " ، يقول : وإلا أن أكثركم مخالفون أمر الله ، خارجون عن طاعته ، تكذبون عليه . 
والعرب تقول : "نقمت عليك كذا أنقم " وبه قرأه القرأة من 
أهل الحجاز  والعراق  وغيرهم و"نقمت أنقم " ، لغتان ، ولا نعلم قارئا قرأ بهما بمعنى وجدت وكرهت ، ومنه قول عبد الله بن قيس الرقيات : 
ما نقموا من بني أمية  إلا أنهم يحلمون إن غضبوا 
 [ ص: 434 ] وقد ذكر أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من 
اليهود   . 
ذكر من قال ذلك : 
12219 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري  قال ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير  قال ، حدثنا 
محمد بن إسحاق  ، قال ، حدثني 
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت  قال ، حدثني 
سعيد بن جبير  أو 
عكرمة  ، عن 
ابن عباس  قال : 
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود  فيهم أبو ياسر بن أخطب  ، ورافع بن أبي رافع  ، وعازر  ، وزيد  ، وخالد  ، وأزار بن أبي أزار  ، وأشيع  ، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ قال : أومن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم  وإسماعيل  وإسحاق  ويعقوب  والأسباط ، وما أوتي موسى  وعيسى  وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون . فلما ذكر عيسى  جحدوا نبوته وقالوا : لا نؤمن بمن آمن به ! فأنزل الله فيهم : " قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون  " .  [ ص: 435 ] عطفا بها على"أن " التي في قوله : "إلا أن آمنا بالله " ، لأن معنى الكلام : هل تنقمون منا إلا إيماننا بالله وفسقكم .