القول في 
تأويل قوله ( ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون  ( 90 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : وهذا بيان من الله تعالى ذكره للذين حرموا على أنفسهم النساء والنوم واللحم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، تشبها منهم بالقسيسين والرهبان ، فأنزل الله فيهم على نبيه صلى الله عليه وسلم كتابه ينهاهم عن ذلك فقال : ( 
يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم  ) ، [ سورة المائدة : 87 ] .  
[ ص: 564 ] 
فنهاهم بذلك عن تحريم ما أحل الله لهم من الطيبات . ثم قال : ولا تعتدوا أيضا في حدودي ، فتحلوا ما حرمت عليكم ، فإن ذلك لكم غير جائز ، كما غير جائز لكم تحريم ما حللت ، وإني لا أحب المعتدين . ثم أخبرهم عن الذي حرم عليهم مما إذا استحلوه وتقدموا عليه ، كانوا من المعتدين في حدوده فقال لهم : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ، إن الخمر التي تشربونها ، والميسر الذي تتياسرونه ، والأنصاب التي تذبحون عندها ، والأزلام التي تستقسمون بها "رجس " ، يقول : إثم ونتن سخطه الله وكرهه لكم "من عمل الشيطان " ، يقول : شربكم الخمر ، وقماركم على الجزر ، وذبحكم للأنصاب ، واستقسامكم بالأزلام ، من تزيين الشيطان لكم ، ودعائه إياكم إليه ، وتحسينه لكم ، لا من الأعمال التي ندبكم إليها ربكم ، ولا مما يرضاه لكم ، بل هو مما يسخطه لكم "فاجتنبوه " ، يقول : فاتركوه وارفضوه ولا تعملوه "لعلكم تفلحون " ، يقول : لكي تنجحوا فتدركوا الفلاح عند ربكم بترككم ذلك . 
وقد بينا معنى"الخمر " ، و"الميسر " ، و"الأزلام " فيما مضى ، فكرهنا إعادته . 
وأما " الأنصاب " ، فإنها جمع " نصب " ، وقد بينا معنى " النصب " بشواهده فيما مضى .  
[ ص: 565 ] وروي عن 
ابن عباس  في معنى"الرجس " في هذا الموضع ، ما : - 
12510 - حدثني به 
المثنى  قال ، حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال ، حدثني 
معاوية بن صالح ،  عن 
علي بن أبي طلحة ،  عن 
ابن عباس  قوله : "رجس من عمل الشيطان " ، يقول : سخط . 
وقال 
ابن زيد  في ذلك ، ما : - 
12511 - حدثني به 
يونس  قال ، أخبرنا 
ابن وهب  قال ، قال 
ابن زيد  في قوله : "رجس من عمل الشيطان " ، قال : "الرجس " ، الشر .