القول في 
تأويل قوله ( أو كفارة طعام مساكين  ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول - تعالى ذكره - : أو عليه كفارة طعام مساكين و " الكفارة " معطوفة على " الجزاء " في قوله : " 
فجزاء مثل ما قتل من النعم  " . 
واختلفت القرأة في قراءة ذلك : 
فقرأته عامة 
قرأة أهل المدينة    : ( 
أو كفارة طعام مساكين  ) بالإضافة . وأما 
قرأة أهل العراق   ، فإن عامتهم قرءوا ذلك بتنوين " الكفارة " ورفع " الطعام " : أو كفارة طعام مساكين 
قال 
أبو جعفر   : وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب ، قراءة من قرأ بتنوين " الكفارة " ورفع " الطعام " للعلة التي ذكرناها في قوله : " 
فجزاء مثل ما قتل من النعم  " . . 
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : " 
أو كفارة طعام مساكين  " . فقال بعضهم : معنى ذلك أن القاتل وهو محرم صيدا عمدا ، لا يخلو من  
[ ص: 31 ] وجوب بعض هذه الأشياء الثلاثة التي ذكر الله - تعالى ذكره - : من مثل المقتول هديا بالغ 
الكعبة  ، أو طعام مساكين كفارة لما فعل ، أو عدل ذلك صياما إلا أنه مخير في أي ذلك شاء فعل ، وأنه بأيها كان كفر فقد أدى الواجب عليه . وإنما ذلك إعلام من الله تعالى عباده أن قاتل ذلك كما وصف لن يخرج حكمه من إحدى الخلال الثلاثة . قالوا : فحكمه إن كان على المثل قادرا أن يحكم عليه بمثل المقتول من النعم ، لا يجزيه غير ذلك ما دام للمثل واجدا . قالوا : فإن لم يكن له واجدا ، أو لم يكن للمقتول مثل من النعم ، فكفارته حينئذ إطعام مساكين . 
ذكر من قال ذلك : 
12600 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال : حدثني 
معاوية بن صالح  ، عن 
علي بن أبي طلحة  ، عن 
ابن عباس   : " 
ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره  " قال : إذا قتل المحرم شيئا من الصيد ، حكم عليه فيه . فإن قتل ظبيا أو نحوه ، فعليه شاة تذبح 
بمكة   . فإن لم يجد ، فإطعام ستة مساكين . فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام . وإن قتل أيلا أو نحوه ، فعليه بقرة . فإن لم يجدها ، أطعم عشرين مسكينا . فإن لم يجد ، صام عشرين يوما . وإن قتل نعامة أو حمار وحش أو نحوه ، فعليه بدنة من الإبل . فإن لم يجد ، أطعم ثلاثين مسكينا . فإن لم يجد ، صام ثلاثين يوما . والطعام مد مد شبعهم  . 
12601 - حدثني 
محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله : " 
يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم  "  
[ ص: 32 ] إلى قوله : " 
يحكم به ذوا عدل منكم  " فالكفارة من قتل ما دون الأرنب ، إطعام  . 
12602 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
جرير  ، عن 
منصور  ، عن 
الحكم  ، عن 
مقسم  ، عن 
ابن عباس  قال : إذا أصاب المحرم الصيد ، حكم عليه جزاؤه من النعم . فإن وجد جزاءه ، ذبحه فتصدق به . وإن لم يجد جزاءه ، قوم الجزاء دراهم ، ثم قومت الدراهم حنطة ، ثم صام مكان كل صاع يوما . قال : إنما أريد بالطعام الصوم ، فإذا وجد طعاما وجد جزاء  . 
12603 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
حميد بن عبد الرحمن  ، عن 
زهير  ، عن 
جابر  ، عن 
عطاء  ومجاهد  وعامر   : " 
أو عدل ذلك صياما  " قال : إنما الطعام لمن لم يجد الهدي  . 
12604 - حدثني 
يعقوب  قال : حدثنا 
هشيم  قال : أخبرنا 
مغيرة  ، عن 
إبراهيم  أنه كان يقول : إذا أصاب المحرم شيئا من الصيد ، عليه جزاؤه من النعم . فإن لم يجد قوم الجزاء دراهم ، ثم قومت الدراهم طعاما ، ثم صام لكل نصف صاع يوما  . 
12605 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
جرير  ، عن 
مغيرة  ، عن 
حماد  قال : إذا أصاب المحرم الصيد فحكم عليه ، فإن فضل منه ما لا يتم نصف صاع ، صام له يوما . ولا يكون الصوم إلا على من لم يجد ثمن هدي ، فيحكم عليه الطعام . فإن لم يكن عنده طعام يتصدق به ، حكم عليه الصوم ، فصام مكان كل نصف صاع يوما " 
كفارة طعام مساكين  " قال : فيما لا يبلغ ثمن هدي " 
أو عدل ذلك صياما  " من الجزاء ، إذا لم يجد ما يشتري به هديا ، أو ما يتصدق به ، مما لا يبلغ ثمن هدي ، حكم عليه الصيام مكان كل نصف صاع يوما  .  
[ ص: 33 ] 
12606 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
ابن أبي زائدة  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : قال 
مجاهد   : " 
ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم  " قال : عليه من النعم مثله هديا بالغ 
الكعبة   . ومن لم يجد ، ابتاع بقيمته طعاما ، فيطعم كل مسكين مدين . فإن لم يجد ، صام عن كل مدين يوما  . 
12607 - حدثني 
محمد بن الحسين  قال : حدثنا 
أحمد بن مفضل  قال : حدثنا 
أسباط  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : " 
ومن قتله منكم متعمدا  " إلى قوله : ( 
ومن عاد فينتقم الله منه  ) ، قال : إذا قتل صيدا ، فعليه جزاؤه مثل ما قتل من النعم . فإن لم يجد ، حكم عليه ، ثم قوم الفداء ، كم هو درهما ، ثم قدر ثمن ذلك بالطعام على المسكين ، فصام عن كل مسكين يوما ، ولا يحل طعام المسكين ، لأن من وجد طعام المسكين فهو يجد الفداء  . 
12608 - حدثنا 
عمرو بن علي  قال : حدثنا 
أبو عاصم  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : قال لي 
الحسن بن مسلم   : من أصاب الصيد فيما جزاؤه شاة ، فذلك الذي قال الله - تعالى ذكره - : " 
فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم  " . وما كان من كفارة بإطعام مساكين ، مثل العصفورة يقتل ولا يبلغ أن يكون فيه هدي ( 
أو عدل ذلك صياما  ) ، قال عدل النعامة أو العصفور ، أو عدل ذلك كله . فذكرت ذلك 
لعطاء  فقال : كل شيء في القرآن " أو " " أو " فلصاحبه أن يختار ما شاء .  
[ ص: 34 ] 
12609 - حدثنا 
عمرو بن علي  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون  قال : أخبرنا 
سفيان بن حسين  ، عن 
الحكم  ، عن 
مقسم  ، عن 
ابن عباس  ، في قوله : ( 
لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم  ) ، فإن لم يجد جزاء ، قوم عليه الجزاء طعاما ، ثم صام لكل صاع يومين  . 
وقال آخرون : معنى ذلك : أن 
للقاتل صيدا عمدا وهو محرم ، الخيار بين إحدى الكفارات الثلاث ، وهي : الجزاء بمثله من النعم ، والطعام ، والصوم . قالوا : وإنما تأويل قوله : " 
فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما  " فعليه أن يجزي بمثله من النعم ، أو يكفر بإطعام مساكين ، أو بعدل الطعام من الصيام . 
ذكر من قال ذلك : 
12610 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري  قال : حدثنا 
ابن أبي زائدة  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
عطاء  ، في قول الله - تعالى ذكره - : ( 
فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما  ) ، قال : إن أصاب إنسان محرم نعامة ، فإن له وإن كان ذا يسار أن يهدي ما شاء ، جزورا ، أو عدلها طعاما ، أو عدلها صياما . قال : كل شيء في القرآن " أو " " أو " فليختر منه صاحبه ما شاء  . 
12611 - حدثني 
يعقوب  قال : حدثنا 
هشيم  قال : أخبرنا 
حجاج  ، عن 
عطاء  ، في قوله : ( 
فجزاء مثل ما قتل من النعم  ) قال : " ما كان في القرآن : أو كذا أو كذا " فصاحبه فيه بالخيار ، أي ذلك شاء فعل  . 
12612 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
أسباط  وعبد الأعلى  ، عن 
داود  ،  
[ ص: 35 ] عن 
عكرمة  قال : ما كان في القرآن " أو " " أو " فهو فيه بالخيار . وما كان : ( 
فمن لم يجد  ) ، فالذي يليه ثم الذي يليه  . 
12613 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
حفص  ، عن 
عمرو  ، عن 
الحسن  مثله . 
12614 - حدثني 
يعقوب  قال : حدثنا 
هشيم  قال : أخبرنا 
ليث  ، عن 
عطاء  ومجاهد  ، أنهما قالا في قوله : ( 
فجزاء مثل ما قتل من النعم  ) قالا : ما كان في القرآن : " أو كذا أو كذا " فصاحبه فيه بالخيار ، أي ذلك شاء فعل  . 
12615 - حدثني 
يعقوب  قال : حدثنا 
هشيم  ، عن 
جويبر  ، عن 
الضحاك   : ما كان في القرآن : " أو كذا أو كذا " فصاحبه فيه بالخيار ، أي ذلك شاء فعل  . 
12616 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثنا 
هشيم  قال : أخبرنا 
أبو حرة  ، عن 
الحسن  قال وأخبرنا 
عبيدة  ، عن 
إبراهيم  قالا : كل شيء في القرآن " أو " " أو " فهو بالخيار ، أي ذلك شاء فعل . 
12617 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
حفص  ، عن 
ليث  ، عن 
مجاهد  ، عن 
ابن عباس  قال : كل شيء في القرآن " أو " " أو " فصاحبه مخير فيه ، وكل شيء : " فمن لم يجد " فالأول ، ثم الذي يليه  . 
واختلف القائلون بتخيير قاتل الصيد من المحرمين بين الأشياء الثلاثة ، في صفة اللازم له من التكفير بالإطعام والصوم ، إذا اختار الكفارة بأحدهما دون الهدي .  
[ ص: 36 ] 
فقال بعضهم : إذا اختار التكفير بذلك ، فإن الواجب عليه أن يقوم المثل من النعم طعاما ، ثم يصوم مكان كل مد يوما 
ذكر من قال ذلك : 
12618 - حدثنا 
هناد  قال : أخبرنا 
ابن أبي زائدة  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : قلت 
لعطاء   : ما 
 ( أو عدل ذلك صياما  ) ؟ قال : إن أصاب ما عدله شاة ، أقيمت الشاة طعاما ، ثم جعل مكان كل مد يوما يصومه . 
وقال آخرون : بل الواجب عليه إذا أراد التكفير بالإطعام أو الصوم ، أن يقوم الصيد المقتول طعاما ، ثم الصدقة بالطعام إن اختار الصدقة . وإن اختار الصوم صام . 
ثم اختلفوا أيضا في الصوم . 
فقال بعضهم : يصوم لكل مد يوما . 
وقال آخرون : يصوم مكان كل نصف صاع يوما . 
وقال آخرون : يصوم مكان كل صاع يوما . 
ذكر من قال : المقوم لإطعام هو الصيد المقتول . 
12619 - حدثنا 
بشر بن معاذ  قال : حدثنا 
جامع بن حماد  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع  قال : حدثنا 
شعبة  ، عن 
قتادة   : ( 
يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد  ) ، الآية ، قال : كان 
قتادة  يقول : يحكمان في النعم ، فإن كان ليس  
[ ص: 37 ] عنده ما يبلغ ذلك ، نظروا ثمنه فقوموه طعاما ، ثم صام مكان كل صاع يومين  . 
وقال آخرون : لا معنى للتكفير بالإطعام ، لأن من وجد سبيلا إلى التكفير بالإطعام ، فهو واجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا . ومن وجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا لم يجزه التكفير بغيره . قالوا : وإنما ذكر الله - تعالى ذكره - الكفارة بالإطعام في هذا الموضع ، ليدل على صفة التكفير بالصوم لا أنه جعل التكفير بالإطعام إحدى الكفارات التي يكفر بها قتل الصيد . وقد ذكرنا تأويل ذلك فيما مضى قبل . 
قال 
أبو جعفر   : وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله : " 
فجزاء مثل ما قتل من النعم  " أن يكون مرادا به : فعلى قاتله متعمدا مثل الذي قتل من النعم لا القيمة ، إن اختار أن يجزيه بالمثل من النعم . وذلك أن القيمة إنما هي من الدنانير أو الدراهم . والدراهم أو الدنانير ليست للصيد بمثل ، والله - تعالى ذكره - إنما أوجب الجزاء مثلا من النعم . 
قال 
أبو جعفر   : وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله : " 
أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما  " أن يكون تخييرا ، وأن يكون للقاتل الخيار في تكفيره بقتله الصيد وهو محرم بأي هذه الكفارات الثلاث شاء . لأن الله - تعالى ذكره - ، جعل ما أوجب في قتل الصيد من الجزاء والكفارة عقوبة لفعله ، وتكفيرا لذنبه ، في إتلافه ما أتلف من الصيد الذي كان حراما عليه إتلافه في حال إحرامه ، وقد كان حلالا له قبل حال إحرامه ، كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه ، وقد كان له حلالا قبل حال  
[ ص: 38 ] إحرامه ، عقوبة لفعله ، وتكفيرا لذنبه في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه ، ثم منع من حلقه في حال إحرامه نظير الصيد . ثم جعل عليه إن حلقه جزاء من حلقه إياه . فأجمع الجميع على أنه في حلقه إياه إذا حلقه من أذاته ، مخير في تكفيره ، فعله ذلك بأي الكفارات الثلاثة شاء . فمثله فيما ناله قاتل الصيد من المحرمين ، وأنه مخير في تكفيره قتله ذلك بأي الكفارات الثلاثة شاء لا فرق بين ذلك . 
ومن أبى ما قلنا فيه ، قيل له : حكم الله - تعالى ذكره - على قاتل الصيد بالمثل من النعم ، أو كفارة طعام مساكين ، أو عدله صياما كما حكم على الحالق بفدية من صيام أو صدقة أو نسك ، فزعمت أن أحدهما مخير في تكفير ما جعل منه ، عوض بأي الثلاث شاء ، وأنكرت أن يكون ذلك للآخر ، فهل بينك وبين من عكس عليك الأمر في ذلك فجعل الخيار فيه حيث أبيت ، وأبى حيث جعلته له ، فرق من أصل أو نظير؟ فلن يقول في أحدهما قولا إلا إذا ألزم في الآخر مثله .  
[ ص: 39 ] 
ثم اختلفوا في صفة التقويم إذا أراد التكفير بالإطعام . 
فقال بعضهم : يقوم الصيد قيمته بالموضع الذي أصابه فيه . وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي  ، 
وحماد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف  ، 
ومحمد   . وقد ذكرت الرواية عن 
إبراهيم  وحماد  فيما مضى بما يدل على ذلك ، وهو نص قول 
أبي حنيفة  وأصحابه . 
وقال آخرون : بل يقوم ذلك بسعر الأرض التي يكفر فيها . 
ذكر من قال ذلك : 
12620 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
ابن أبي زائدة  قال : حدثنا 
إسرائيل  ، عن 
جابر  ، عن 
عامر  قال في محرم أصاب صيدا 
بخراسان ،  قال : يكفر 
بمكة  أو 
بمنى   . وقال : يقوم الطعام بسعر الأرض التي يكفر بها . 
12621 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
أبو يمان  ، عن 
إسرائيل  ، عن 
جابر  ، عن 
الشعبي  ، في رجل أصاب صيدا 
بخراسان ،  قال : يحكم عليه 
بمكة   . 
قال 
أبو جعفر   : والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن قاتل الصيد إذا جزاه بمثله من النعم ، فإنما يجزيه بنظيره في خلقه وقدره في جسمه ، من أقرب الأشياء به شبها من الأنعام . فإن جزاه بالإطعام ، قومه قيمته بموضعه الذي أصابه فيه ، لأنه هنالك وجب عليه التكفير بالإطعام . ثم إن شاء أطعم بالموضع الذي أصابه فيه ، وإن شاء 
بمكة ،  وإن شاء بغير ذلك من المواضع حيث شاء ، لأن الله - تعالى ذكره - ; إنما شرط بلوغ 
الكعبة  بالهدي في قتل الصيد دون غيره من جزائه ، فللجازي  
[ ص: 40 ] بغير الهدي أن يجزيه بالإطعام والصوم حيث شاء من الأرض . 
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل العلم . 
ذكر من قال ذلك : 
12622 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
ابن أبي زائدة  قال : حدثنا 
ابن أبي عروبة  ، عن 
أبي معشر  ، عن 
إبراهيم  قال : ما كان من دم 
فبمكة   . وما كان من صدقة أو صوم ، حيث شاء . 
وقد خالف ذلك مخالفون ، فقالوا : لا يجزئ الهدي والإطعام إلا 
بمكة   . فأما الصوم ، فإن لم يكن كفر فله أن يصومه حيث شاء من الأرض . 
ذكر من قال ذلك : 
12623 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  وحدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي عن 
حماد بن سلمة  ، عن 
قيس بن سعد  ، عن 
عطاء  قال : الدم والطعام 
بمكة  ، والصيام حيث شاء . 
12624 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  وحدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول  ، عن 
عطاء  قال : كفارة الحج 
بمكة   . 
12625 - حدثنا 
عمرو بن علي  قال : حدثنا 
أبو عاصم  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : قلت 
لعطاء   : أين يتصدق بالطعام إن بدا له؟ قال : 
بمكة  ، من أجل أنه بمنزلة الهدي ، قال : ( 
فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة  9 ، من أجل أنه أصابه في حرم يريد البيت فجزاؤه عند البيت .  
[ ص: 41 ] 
فأما الهدي ، فإن من جزى به ما قتل من الصيد ، فلن يجزئه من كفارة ما قتل من ذلك إلا أن يبلغه 
الكعبة  كما قال - تعالى ذكره - ، وينحره أو يذبحه ويتصدق به على مساكين الحرم وعنى 
بالكعبة  في هذا الموضع ، الحرم كله . ولمن قدم بهديه الواجب من جزاء الصيد ، أن ينحره في كل وقت شاء ، قبل يوم النحر وبعده ، ويطعمه . وكذلك إن كفر بالطعام ، فله أن يكفر به متى أحب وحيث أحب . وإن كفر بالصوم فكذلك . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، خلا ما ذكرنا من اختلافهم في التكفير بالإطعام على ما قد بينا فيما مضى . 
ذكر من قال ذلك : 
12626 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
ابن أبي زائدة  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : قلت 
لعطاء   : " 
أو عدل ذلك صياما  " هل لصيامه وقت؟ قال : لا إذ شاء وحيث شاء ، وتعجيله أحب إلي . 
12627 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
ابن أبي زائدة  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : قلت 
لعطاء   : رجل أصاب صيدا في الحج أو العمرة ، فأرسل بجزائه إلى الحرم في المحرم أو غيره من الشهور ، أيجزئ عنه؟ قال : نعم . ثم قرأ : ( 
هديا بالغ الكعبة  ) قال 
هناد   : قال 
يحيى   : وبه نأخذ .  
[ ص: 42 ] 
12628 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
ابن أبي زائدة  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  وابن أبي سليمان  ، عن 
عطاء  قال : إذا قدمت 
مكة  بجزاء صيد فانحره ، فإن الله - تعالى ذكره - يقول : ( 
هديا بالغ الكعبة  ) ، إلا أن يقدم في العشر ، فيؤخره إلى يوم النحر  . 
12629 - حدثنا 
هناد  قال : حدثنا 
ابن أبي زائدة  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
عطاء  قال : يتصدق الذي يصيب الصيد 
بمكة   . فإن الله - تعالى ذكره - يقول : ( 
هديا بالغ الكعبة  )  .