صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ( 49 ) )

أما قوله : ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) ، فإنه يعني : وفي الذي فعلنا بكم من إنجائناكم - مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون إياكم ، على ما وصفت - بلاء لكم من ربكم عظيم .

ويعني بقوله " بلاء " : نعمة ، كما : -

899 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال ، حدثنا أبو صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : ( بلاء من ربكم عظيم ) ، قال : نعمة .

900 - وحدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي في قوله : ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) ، أما البلاء فالنعمة . [ ص: 49 ]

901 - وحدثنا سفيان قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد : ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) ، قال : نعمة من ربكم عظيمة .

902 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثل حديث سفيان .

903 - حدثني القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) ، قال : نعمة عظيمة .

وأصل " البلاء " في كلام العرب - الاختبار والامتحان ، ثم يستعمل في الخير والشر . لأن الامتحان والاختبار قد يكون بالخير كما يكون بالشر ، كما قال ربنا جل ثناؤه : ( وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ) [ الأعراف : 168 ] ، يقول : اختبرناهم ، وكما قال جل ذكره : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) [ الأنبياء : 35 ] . ثم تسمي العرب الخير " بلاء " والشر " بلاء " . غير أن الأكثر في الشر أن يقال : " بلوته أبلوه بلاء " ، وفي الخير : " أبليته أبليه إبلاء وبلاء " ، ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى :


جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو



فجمع بين اللغتين ، لأنه أراد : فأنعم الله عليهما خير النعم التي يختبر بها عباده .

التالي السابق


الخدمات العلمية