صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : " قل " يا محمد ، لهؤلاء العادلين بربهم " لمن ما في السماوات والأرض " يقول : لمن ملك ما في السماوات والأرض؟ ثم أخبرهم أن ذلك لله الذي استعبد كل شيء ، وقهر كل شيء بملكه وسلطانه لا للأوثان والأنداد ، ولا لما يعبدونه ويتخذونه إلها من الأصنام التي لا تملك لأنفسها نفعا ولا تدفع عنها ضرا .

وقوله : " كتب على نفسه الرحمة " يقول : قضى أنه بعباده رحيم ، لا يعجل عليهم بالعقوبة ، ويقبل منهم الإنابة والتوبة .

وهذا من الله - تعالى ذكره - استعطاف للمعرضين عنه إلى الإقبال إليه بالتوبة . [ ص: 274 ]

يقول - تعالى ذكره - : إن هؤلاء العادلين بي ، الجاحدين نبوتك ، يا محمد ، إن تابوا وأنابوا قبلت توبتهم ، وإني قد قضيت في خلقي أن رحمتي وسعت كل شيء ، كالذي : -

13096 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لما فرغ الله من الخلق ، كتب كتابا : " إن رحمتي سبقت غضبي " .

13097 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا داود ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : إن الله - تعالى ذكره - لما خلق السماء والأرض ، خلق مائة رحمة ، كل رحمة ملء ما بين السماء إلى الأرض . فعنده تسع وتسعون رحمة ، وقسم رحمة بين الخلائق . فبها يتعاطفون ، وبها تشرب الوحش والطير الماء . فإذا كان يوم ذلك ، قصرها الله على المتقين ، وزادهم تسعا وتسعين .

13098 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، نحوه إلا أن ابن أبي عدي لم يذكر في حديثه : " وبها تشرب الوحش والطير الماء " . [ ص: 275 ]

13099 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن عاصم بن سليمان ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : نجد في التوراة عطفتين : أن الله خلق السماوات والأرض ، ثم خلق مائة رحمة أو : جعل مائة رحمة قبل أن يخلق الخلق . ثم خلق الخلق ، فوضع بينهم رحمة واحدة ، وأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة . قال : فبها يتراحمون ، وبها يتباذلون ، وبها يتعاطفون ، وبها يتزاورون ، وبها تحن الناقة ، وبها تثوج البقرة ، وبها تيعر الشاة ، وبها تتابع الطير ، وبها تتابع الحيتان في البحر . فإذا كان يوم القيامة ، جمع الله تلك الرحمة إلى ما عنده . ورحمته أفضل وأوسع .

13100 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن عاصم بن سليمان ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان في قوله : " كتب على نفسه الرحمة " الآية قال : إنا نجد في التوراة عطفتين ثم ذكر نحوه إلا أنه قال : " وبها تتابع الطير ، وبها تتابع الحيتان في البحر " . [ ص: 276 ]

13101 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال : قال ابن طاوس ، عن أبيه : إن الله - تعالى ذكره - لما خلق الخلق ، لم يعطف شيء على شيء ، حتى خلق مائة رحمة ، فوضع بينهم رحمة واحدة ، فعطف بعض الخلق على بعض .

13102 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، بمثله .

13103 - حدثنا ابن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال : وأخبرني الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، حسبته أسنده قال : إذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين خلقه ، أخرج كتابا من تحت العرش فيه : " إن رحمتي سبقت غضبي ، وأنا أرحم الراحمين " قال : فيخرج من النار مثل أهل الجنة أو قال : " مثلا أهل الجنة " ولا أعلمه إلا قال : " مثلا " وأما " مثل " فلا أشك مكتوبا هاهنا ، وأشار الحكم إلى نحره ، " عتقاء الله " فقال رجل لعكرمة : يا أبا عبد الله ، فإن الله يقول : يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم [ سورة المائدة : 37 ] ؟ قال : ويلك ! أولئك أهلها الذين هم أهلها .

13104 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، حسبت أنه أسنده قال : إذا كان يوم القيامة ، أخرج الله كتابا من تحت العرش ثم ذكر نحوه ، غير أنه قال : فقال رجل : يا أبا عبد الله ، أرأيت قوله : " يريدون أن يخرجوا من النار " ؟ وسائر الحديث مثل حديث ابن عبد الأعلى .

13105 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن همام بن منبه قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لما [ ص: 277 ] قضى الله الخلق ، كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش : " إن رحمتي سبقت غضبي " .

13106 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو : أنه كان يقول : إن لله مائة رحمة ، فأهبط رحمة إلى أهل الدنيا ، يتراحم بها الجن والإنس ، وطائر السماء ، وحيتان الماء ، ودواب الأرض وهوامها . وما بين الهواء . واختزن عنده تسعا وتسعين رحمة ، حتى إذا كان يوم القيامة ، اختلج الرحمة التي كان أهبطها إلى أهل الدنيا ، فحواها إلى ما عنده ، فجعلها في قلوب أهل الجنة ، وعلى أهل الجنة .

13107 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : قال عبد الله بن عمرو : إن لله مائة رحمة ، أهبط منها إلى الأرض رحمة واحدة ، يتراحم بها الجن والإنس ، والطير والبهائم وهوام الأرض .

13108 - حدثنا محمد بن عوف قال : أخبرنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج قال : حدثنا صفوان بن عمرو قال : حدثني أبو المخارق زهير بن سالم قال : قال عمر لكعب : ما أول شيء ابتدأه الله من خلقه؟ فقال كعب : كتب الله كتابا لم يكتبه بقلم ولا مداد ، ولكن كتبه بإصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت " أنا الله لا إله إلا أنا ، سبقت رحمتي غضبي " .

التالي السابق


الخدمات العلمية