صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض أهل البصرة : ( انظروا إلى ثمره ) بفتح " الثاء " و " الميم " .

وقرأه بعض قرأة أهل مكة وعامة قرأة الكوفيين : " إلى ثمره " بضم " الثاء " و " الميم " . [ ص: 579 ]

فكأن من فتح " الثاء " و " الميم " من ذلك وجه معنى الكلام : انظروا إلى ثمر هذه الأشجار التي سمينا من النخل والأعناب والزيتون والرمان إذا أثمر ، وأن " الثمر " جمع " ثمرة " كما " القصب " جمع " قصبة " و " الخشب " جمع " خشبة " .

وكأن من ضم " الثاء " و " الميم " وجه ذلك إلى أنه جمع " ثمار " كما " الحمر " جمع " حمار " و " الجرب " جمع " جراب " وقد :

13671 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد ، عن ابن إدريس ، عن الأعمش ، عن يحيى بن وثاب : أنه كان يقرأ : " إلى ثمره " يقول : هو أصناف المال .

13672 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي حماد قال : حدثنا محمد بن عبيد الله ، عن قيس بن سعد ، عن مجاهد قال : " الثمر " هو المال و " الثمر " ثمر النخل .

وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ : " انظروا إلى ثمره " بضم " الثاء " و " الميم " ؛ لأن الله - جل ثناؤه - وصف أصنافا من المال كما قال يحيى بن وثاب . وكذلك حب الزرع المتراكب ، وقنوان النخل الدانية ، والجنات من الأعناب والزيتون والرمان ، فكان ذلك أنواعا من الثمر ، فجمعت " الثمرة " " ثمرا " ثم جمع " الثمر " " ثمارا " ثم جمع ذلك فقيل : " انظروا إلى ثمره " فكان ذلك جمع " الثمار " و " الثمار " جمع " الثمر " و " إثماره " عقد الثمر .

وأما قوله : " وينعه " فإنه نضجه وبلوغه حين يبلغ . [ ص: 580 ]

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول في " ينعه " إذا فتحت ياؤه ، هو جمع " يانع " كما " التجر " جمع " تاجر " و " الصحب " جمع " صاحب " .

وكان بعض أهل الكوفة ينكر ذلك ، ويرى أنه مصدر من قولهم : " ينع الثمر فهو يينع ينعا " ، ويحكي في مصدره عن العرب لغات ثلاثا : " ينع " و " ينع " و " ينع " وكذلك في " النضج " " النضج " و " النضج " .

وأما في قراءة من قرأ ذلك : " ويانعه " فإنه يعني به : وناضجه وبالغه .

وقد يجوز في مصدره " ينوعا " ومسموع من العرب : " أينعت الثمرة تونع إيناعا " ومن لغة الذين قالوا : " ينع " قول الشاعر :


في قباب عند دسكرة حولها الزيتون قد ينعا

[ ص: 581 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13763 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " وينعه " يعني : إذا نضج .

13674 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه " قال : " ينعه " نضجه .

13675 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : [ ص: 582 ] " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه " أي نضجه .

13676 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " وينعه " قال : نضجه .

13677 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وينعه " يقول : ونضجه .

13678 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال سمعت الضحاك يقول في قوله : " وينعه " قال : يعني نضجه .

13679 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال ابن عباس : " وينعه " قال : نضجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية