صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( كأنما يصعد في السماء )

قال أبو جعفر : وهذا مثل من الله تعالى ذكره ، ضربه لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصوله إليه ، مثل امتناعه من الصعود إلى السماء وعجزه عنه ؛ لأن ذلك ليس في وسعه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13873 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن عطاء الخراساني : ( كأنما يصعد في السماء ) ، يقول : مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء .

13874 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن عطاء الخراساني ، مثله .

13875 - وبه قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج قراءة : " يجعل صدره ضيقا حرجا " ، بلا إله إلا الله ، حتى لا تستطيع أن تدخله ، " كأنما يصعد في السماء " ، من شدة ذلك عليه .

13876 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، مثله .

13877 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( كأنما يصعد في السماء ) ، من ضيق صدره . [ ص: 110 ]

واختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والعراق : ( كأنما يصعد ) ، بمعنى : " يتصعد " ، فأدغموا التاء في الصاد ، فلذلك شددوا الصاد .

وقرأ ذلك بعض الكوفيين : " يصاعد " ، بمعنى : " يتصاعد " ، فأدغم التاء في الصاد ، وجعلها صادا مشددة .

وقرأ ذلك بعض قرأة المكيين : " كأنما يصعد " ، من " صعد يصعد " .

وكل هذه القراءات متقاربات المعاني ، وبأيها قرأ القارئ فهو مصيب ، غير أني أختار القراءة في ذلك بقراءة من قرأه : ( كأنما يصعد ) ، بتشديد الصاد بغير ألف ، بمعنى : " يتصعد " ، لكثرة القرأة بها ، ولقيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح " .

التالي السابق


الخدمات العلمية