صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( فدلاهما بغرور ) ، فخدعهما بغرور .

يقال منه : " ما زال فلان يدلي فلانا بغرور " ، بمعنى : ما زال يخدعه بغرور ، ويكلمه بزخرف من القول باطل .

( فلما ذاقا الشجرة ) ، يقول : فلما ذاق آدم وحواء ثمر الشجرة ، يقول : طعماه ( بدت لهما سوآتهما ) ، يقول : انكشفت لهما سوآتهما ، لأن الله [ ص: 352 ] أعراهما من الكسوة التي كان كساهما قبل الذنب والخطيئة ، فسلبهما ذلك بالخطيئة التي أخطآ والمعصية التي ركبا ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) ، يقول : أقبلا وجعلا يشدان عليهما من ورق الجنة ، ليواريا سوآتهما ، كما : -

14397 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) ، قال : جعلا يأخذان من ورق الجنة ، فيجعلان على سوآتهما .

14398 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي بكر ، عن الحسن ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان آدم كأنه نخلة سحوق ، كثير شعر الرأس ، فلما وقع بالخطيئة بدت له عورته ، وكان لا يراها ، فانطلق فارا ، فتعرضت له شجرة فحبسته بشعره ، فقال لها : أرسليني! فقالت : لست بمرسلتك! فناداه ربه : يا آدم ، أمني تفر؟ قال : لا ولكني استحييتك .

14399 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا سفيان بن عيينة وابن مبارك ، عن الحسن ، عن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال ، كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته ، السنبلة . فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما ، وكان الذي [ ص: 353 ] وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما ، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، ورق التين ، يلصقان بعضها إلى بعض . فانطلق آدم موليا في الجنة ، فأخذت برأسه شجرة من الجنة ، فناداه : أي آدم أمني تفر؟ قال : لا ولكني استحييتك يا رب ! قال : أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك؟ قال : بلى يا رب ، ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا . قال : وهو قول الله : ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) . قال : فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ، ثم لا تنال العيش إلا كدا . قال : فأهبط من الجنة ، وكانا يأكلان فيها رغدا ، فأهبطا في غير رغد من طعام وشراب ، فعلم صنعة الحديد ، وأمر بالحرث ، فحرث وزرع ثم سقى ، حتى إذا بلغ حصد ، ثم داسه ، ثم ذراه ، ثم طحنه ، ثم عجنه ، ثم خبزه ، ثم أكله ، فلم يبلعه حتى بلع منه ما شاء الله أن يبلع .

14400 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : ( يخصفان ) ، قال : يرقعان ، كهيئة الثوب .

14401 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : يخصفان عليهما من الورق كهيئة الثوب .

14402 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما ) ، وكانا قبل ذلك [ ص: 354 ] لا يريانها ( وطفقا يخصفان ) ، الآية .

14403 - . . . . قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال ، حدثنا الحسن ، عن أبي بن كعب : أن آدم عليه السلام كان رجلا طوالا كأنه نخلة سحوق ، كثير شعر الرأس . فلما وقع بما وقع به من الخطيئة ، بدت له عورته عند ذلك ، وكان لا يراها . فانطلق هاربا في الجنة ، فعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة ، فقال لها : أرسليني ! قالت : إني غير مرسلتك! فناداه ربه : يا آدم ، أمني تفر؟ قال : رب إني استحييتك .

14404 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جعفر بن عون ، عن سفيان الثوري ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) ، قال : ورق التين .

14405 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) ، قال : ورق التين .

14406 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن حسام بن مصك ، عن قتادة وأبي بكر ، عن غير قتادة قال : كان لباس آدم في الجنة ظفرا كله ، فلما وقع بالذنب ، كشط عنه وبدت سوأته قال أبو بكر : قال غير قتادة : ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) ، قال : ورق التين .

14407 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا [ ص: 355 ] معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( بدت لهما سوآتهما ) ، قال : كانا لا يريان سوآتهما .

14408 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة قال ، حدثنا عمرو قال ، سمعت وهب بن منبه يقول : ( ينزع عنهما لباسهما ) ، [ سورة الأعراف : 27 ] . قال : كان لباس آدم وحواء عليهما السلام نورا على فروجهما ، لا يرى هذا عورة هذه ، ولا هذه عورة هذا . فلما أصابا الخطيئة بدت لهما سوآتهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية