القول في 
تأويل قوله ( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون  ( 129 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : قال قوم 
موسى  لموسى ،  حين قال لهم " 
استعينوا بالله واصبروا  " ( أوذينا ) بقتل أبنائنا ( 
من قبل أن تأتينا  ) ، يقول : من قبل أن تأتينا برسالة الله إلينا ، لأن 
فرعون  كان يقتل أولادهم الذكور حين أظله زمان 
موسى  على ما قد بينت فيما مضى من كتابنا هذا . وقوله : ( 
ومن بعد ما جئتنا  ) ، يقول : ومن بعد ما جئتنا برسالة الله ، لأن 
فرعون  لما غلبت سحرته ، وقال للملأ من قومه ما قال ، أراد تجديد العذاب عليهم بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم . 
وقيل : إن قوم 
موسى  قالوا 
لموسى  ذلك ، حين خافوا أن يدركهم 
فرعون  وهم منه هاربون ، وقد تراءى الجمعان ، فقالوا له : يا موسى ( 
أوذينا من قبل أن تأتينا  ) ، كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا ( 
ومن بعد ما جئتنا  ) ، اليوم يدركنا 
فرعون  فيقتلنا .  
[ ص: 44 ] وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
14973 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال ، حدثنا 
أبو عاصم  قال ، حدثنا 
عيسى  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  في قول الله : ( 
من قبل أن تأتينا  ) ، من قبل إرسال الله إياك وبعده . 
14974 - حدثني 
المثنى  قال ، حدثنا 
أبو حذيفة  قال ، حدثنا 
شبل  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  ، مثله . 
14974 - حدثني 
موسى  قال ، حدثنا 
عمرو  قال ، حدثنا 
أسباط  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : فلما تراءى الجمعان فنظرت 
بنو إسرائيل  إلى 
فرعون  قد ردفهم ، قالوا : ( 
إنا لمدركون  ) ، وقالوا : ( 
أوذينا من قبل أن تأتينا  ) ، كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا ( 
ومن بعد ما جئتنا  ) ، اليوم يدركنا 
فرعون  فيقتلنا إنا لمدركون  . 
14975 - حدثني 
عبد الكريم  قال ، حدثنا 
إبراهيم  قال ، حدثنا 
سفيان  قال ، حدثنا 
أبو سعد  ، عن 
عكرمة  ، عن 
ابن عباس  قال : سار 
موسى  ببني إسرائيل  حتى هجموا على البحر ، فالتفتوا فإذا هم برهج دواب 
فرعون  ، فقالوا : يا موسى " 
أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا  " ، هذا البحر أمامنا وهذا 
فرعون  بمن معه! قال : ( 
عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون  )  . 
وقوله : ( 
قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم  ) ، يقول جل ثناؤه : قال 
موسى   [ ص: 45 ] لقومه : لعل ربكم أن يهلك عدوكم : 
فرعون  وقومه ( ويستخلفكم ) ، يقول : يجعلكم تخلفونهم في أرضهم بعد هلاكهم ، لا تخافونهم ولا أحدا من الناس غيرهم ( 
فينظر كيف تعملون  ) ، يقول : فيرى ربكم ما تعملون بعدهم ، من مسارعتكم في طاعته ، وتثاقلكم عنها .