صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ( 173 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : شهدنا عليكم أيها المقرون بأن الله ربكم ، كيلا تقولوا يوم القيامة : " إنا كنا عن هذا غافلين " ، إنا كنا لا نعلم ذلك ، وكنا في غفلة منه أو تقولوا : ( إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ) ، اتبعنا منهاجهم ( أفتهلكنا ) ، بإشراك من أشرك من آبائنا ، واتباعنا منهاجهم على جهل منا بالحق؟ ويعني بقوله : ( بما فعل المبطلون ) ، بما فعل الذين أبطلوا في دعواهم إلها غير الله .

واختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأ بعض المكيين والبصريين : "أن يقولوا" بالياء ، بمعنى : شهدنا لئلا يقولوا ، على وجه الخبر عن الغيب .

وقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة : ( أن تقولوا ) ، بالتاء على وجه الخطاب من الشهود للمشهود عليهم .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك ، أنهما قراءتان صحيحتا المعنى ، متفقتا التأويل ، وإن اختلفت ألفاظهما ، لأن العرب تفعل ذلك في الحكاية ، كما قال الله : ( لتبيننه للناس ) و ( ليبيننه ) [ سورة آل عمران : 187 ] ، وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته . [ ص: 252 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية