صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ( 175 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : "واتل" ، يا محمد ، على قومك "نبأ الذي آتيناه آياتنا" ، يعني خبره وقصته .

وكانت آيات الله للذي آتاه الله إياها فيما يقال : اسم الله الأعظم ، وقيل : النبوة .

واختلف أهل التأويل فيه .

فقال بعضهم : هو رجل من بني إسرائيل . [ ص: 253 ]

ذكر من قال ذلك :

15381 - حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله في هذه الآية : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو بلعم .

15382 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، مثله .

15383 - . . . . قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : هو بلعم بن أبر .

15384 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، في قوله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ) قال : رجل من بني إسرائيل يقال له : بلعم بن أبر .

15385 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر وابن مهدي وابن أبي عدي ، قالوا : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله : أنه قال في هذه الآية ، فذكر مثله ولم يقل : "بن أبر" .

15386 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : رجل من بني إسرائيل يقال له : بلعم بن أبر .

15387 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمران بن عيينة ، عن حصين ، عن عمران بن الحارث ، عن ابن عباس قال : هو بلعم بن باعر .

15388 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، في قوله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ) إلى ( فكان من الغاوين ) ، هو بلعم بن أبر .

15389 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا [ ص: 254 ] الثوري ، عن الأعمش ، عن منصور عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، مثله إلا أنه قال : ابن أبر ، بضم "الباء" .

15390 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو رجل من مدينة الجبارين يقال له : بلعم .

15391 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( فانسلخ منها ) قال : بلعام بن باعر ، من بني إسرائيل .

15392 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا أبو سعد قال : سمعت مجاهدا يقول ، فذكر مثله .

15393 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الله بن كثير ، أنه سمع مجاهدا يقول ، فذكر مثله .

15394 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الرحمن وابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حصين ، عن عكرمة قال في الذي ( آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو بلعام .

15395 - وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن حصين ، عن عكرمة قال : هو بلعم .

15396 - . . . . قال : حدثنا عمران بن عيينة ، عن حصين ، عن عكرمة قال : هو بلعم .

15397 - حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر قال : حدثنا شعبة ، عن حصين قال : سمعت عكرمة يقول : هو بلعام .

15398 - حدثنا الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا إسرائيل ، عن حصين ، عن مجاهد قال : هو بلعم . [ ص: 255 ]

15399 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا إسرائيل ، عن مغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : هو بلعم .

وقالت ثقيف : هو أمية بن أبي الصلت .

وقال آخرون : كان بلعم هذا من أهل اليمن .

ذكر من قال ذلك :

15400 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو رجل يدعى بلعم ، من أهل اليمن .

وقال آخرون : كان من الكنعانيين .

ذكر من قال ذلك :

15401 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو رجل من مدينة الجبارين يقال له : بلعم .

وقال آخرون : هو أمية بن أبي الصلت .

ذكر من قال ذلك :

15402 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سعيد بن السائب ، عن غطيف بن أبي سفيان ، عن يعقوب ونافع بن عاصم ، عن عبد الله بن عمرو قال في هذه الآية : ( الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو أمية بن أبي الصلت . [ ص: 256 ]

15403 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي قال : أنبأنا شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن نافع بن عاصم قال : قال عبد الله بن عمرو : هو صاحبكم أمية بن أبي الصلت .

15404 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الرحمن ووهب بن جرير قالا حدثنا شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن نافع بن عاصم ، عن عبد الله بن عمرو ، بمثله .

15405 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن رجل ، عن عبد الله بن عمرو : ( ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ) قال : هو أمية بن أبي الصلت .

15406 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء قال : سمعت نافع بن عاصم بن عروة بن مسعود قال : سمعت عبد الله بن عمرو قال في هذه الآية : ( الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو صاحبكم يعني أمية بن أبي الصلت .

15407 - . . . . قال : حدثنا أبي ، عن سفيان عن حبيب ، عن رجل ، عن عبد الله بن عمرو قال : هو أمية بن أبي الصلت . [ ص: 257 ]

15408 - . . . . قال : حدثنا يزيد ، عن شريك ، عن عبد الملك ، عن فضالة أو ابن فضالة عن عبد الله بن عمرو قال : هو أمية .

15409 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن عبد الملك بن عمير قال : تذاكروا في جامع دمشق هذه الآية : ( فانسلخ منها ) ، فقال بعضهم : نزلت في بلعم بن باعوراء ، وقال بعضهم : نزلت في الراهب . فخرج عليهم عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقالوا : فيمن نزلت هذه؟ قال : نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي .

15410 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الكلبي : ( الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو أمية بن أبي الصلت ، وقال قتادة : يشك فيه ، يقول بعضهم : بلعم ، ويقول بعضهم : أمية بن أبي الصلت .

قال أبو جعفر : واختلف أهل التأويل في الآيات التي كان أوتيها ، التي قال جل ثناؤه : ( آتيناه آياتنا ) .

فقال بعضهم : كانت اسم الله الأعظم .

ذكر من قال ذلك :

15411 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : إن الله لما انقضت الأربعون سنة يعني التي قال الله فيها : ( فإنها محرمة عليهم أربعين سنة ) ، [ سورة المائدة : 26 ] بعث يوشع بن نون نبيا ، فدعا بني إسرائيل ، فأخبرهم أنه نبي ، وأن الله قد أمره أن يقاتل الجبارين ، فبايعوه وصدقوه . وانطلق رجل من بني إسرائيل يقال له : " بلعم " وكان عالما يعلم الاسم [ ص: 258 ] الأعظم المكتوم ، فكفر ، وأتى الجبارين ، فقال : لا ترهبوا بني إسرائيل ، فإني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عليهم دعوة فيهلكون ! وكان عندهم فيما شاء من الدنيا ، غير أنه كان لا يستطيع أن يأتي النساء من عظمهن ، فكان ينكح أتانا له ، وهو الذي يقول الله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) ، : أي تبصر ، فانسلخ منها ، إلى قوله : ( ولكنه أخلد إلى الأرض ) .

15412 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ) قال : هو رجل يقال له : " بلعم " ، وكان يعلم اسم الله الأعظم .

15413 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : كان لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه .

وقال آخرون : بل الآيات التي كان أوتيها كتاب من كتب الله .

ذكر من قال ذلك :

15414 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا أبو تميلة ، عن أبي حمزة ، عن جابر ، عن مجاهد ، وعكرمة ، عن ابن عباس قال : كان في بني إسرائيل بلعام بن باعر أوتي كتابا . [ ص: 259 ] وقال آخرون : بل كان أوتي النبوة .

ذكر من قال ذلك :

15415 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا أبو سعد ، عن غيره قال : الحارث : قال عبد العزيز : يعني : عن غير نفسه ، عن مجاهد قال : هو نبي في بني إسرائيل ، يعني بلعم ، أوتي النبوة ، فرشاه قومه على أن يسكت ، ففعل وتركهم على ما هم عليه .

15416 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، أنه سئل عن الآية : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) ، فحدث عن سيار أنه كان رجلا يقال له " بلعام " ، وكان قد أوتي النبوة ، وكان مجاب الدعوة .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتلو على قومه خبر رجل كان الله آتاه حججه وأدلته ، وهي "الآيات" .

وقد دللنا على أن معنى "الآيات" : الأدلة والأعلام ، فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته .

وجائز أن يكون الذي كان الله آتاه ذلك " بلعم " وجائز أن يكون أمية . وكذلك "الآيات" إن كانت بمعنى الحجة التي هي بعض كتب الله التي أنزلها على بعض أنبيائه ، فتعلمها الذي ذكره الله في هذه الآية ، وعناه بها; فجائز أن يكون الذي كان أوتيها " بلعم " وجائز أن يكون " أمية " ، لأن " أمية " كان ، فيما يقال ، قد قرأ من كتب أهل الكتاب . [ ص: 260 ]

وإن كانت بمعنى كتاب أنزله الله على من أمر نبي الله عليه الصلاة والسلام أن يتلو على قومه نبأه أو بمعنى اسم الله الأعظم أو بمعنى النبوة ، فغير جائز أن يكون معنيا به " أمية "; لأن " أمية " لا تختلف الأمة في أنه لم يكن أوتي شيئا من ذلك ، ولا خبر بأي ذلك المراد ، وأي الرجلين المعني ، يوجب الحجة ، ولا في العقل دلالة على أي ذلك المعني به من أي . فالصواب أن يقال فيه ما قال الله ، ونقر بظاهر التنزيل على ما جاء به الوحي من الله .

وأما قوله : ( فانسلخ منها ) ، فإنه يعني : خرج من الآيات التي كان الله آتاها إياه ، فتبرأ منها .

وبنحو ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

15417 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قال : لما نزل موسى عليه السلام . . . . يعني بالجبارين ومن معه ، أتاه يعني بلعم أتاه بنو عمه وقومه ، فقالوا : إن موسى رجل حديد ، ومعه جنود كثيرة ، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا . فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه . قال : إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي! فلم يزالوا به حتى دعا عليهم ، فسلخه الله مما كان عليه ، فذلك قوله : ( فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ) . [ ص: 261 ]

15418 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : كان الله آتاه آياته فتركها .

15419 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج : قال ابن عباس : ( فانسلخ منها ) قال : نزع منه العلم .

وقوله : ( فأتبعه الشيطان ) ، يقول : فصيره لنفسه تابعا ينتهي إلى أمره في معصية الله ، ويخالف أمر ربه في معصية الشيطان وطاعة الرحمن .

وقوله : ( فكان من الغاوين ) ، يقول : فكان من الهالكين ، لضلاله وخلافه أمر ربه ، وطاعة الشيطان .

التالي السابق


الخدمات العلمية