صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : معنى ذلك : ثقلت الساعة على أهل السماوات والأرض أن يعرفوا وقتها ومجيئها ، لخفائها عنهم ، واستئثار الله بعلمها .

ذكر من قال ذلك :

15472 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، قوله : ( ثقلت في السماوات والأرض ) ، يقول : خفيت في السماوات والأرض ، فلم يعلم قيامها متى تقوم ملك مقرب ، ولا نبي مرسل .

15473 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور وحدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق جميعا ، عن معمر ، عن بعض أهل التأويل : ( ثقلت في السماوات والأرض ) ، قال : ثقل علمها على أهل السماوات وأهل الأرض ، إنهم لا يعلمون .

وقال آخرون : معنى ذلك : أنها كبرت عند مجيئها على أهل السماوات والأرض . [ ص: 296 ]

ذكر من قال ذلك :

15474 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور وحدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق جميعا ، عن معمر قال : قال الحسن ، في قوله : ( ثقلت في السماوات والأرض ) ، يعني : إذا جاءت ثقلت على أهل السماء وأهل الأرض . يقول : كبرت عليهم .

15475 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : ( ثقلت في السماوات والأرض ) قال : إذا جاءت انشقت السماء ، وانتثرت النجوم ، وكورت الشمس ، وسيرت الجبال ، وكان ما قال الله; فذلك ثقلها .

15476 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : قال بعض الناس في "ثقلت" : عظمت .

وقال آخرون : معنى قوله : ( في السماوات والأرض ) ، : على السماوات والأرض .

ذكر من قال ذلك :

15477 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( ثقلت في السماوات والأرض ) ، أي : على السماوات والأرض .

قال أبو جعفر : وأولى ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : ثقلت الساعة في السماوات والأرض على أهلها ، أن يعرفوا وقتها وقيامها; لأن الله أخفى ذلك عن خلقه ، فلم يطلع عليه منهم أحدا . وذلك أن الله أخبر بذلك بعد قوله : ( قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ) ، وأخبر بعده أنها لا تأتي إلا بغتة ، فالذي هو أولى : أن يكون ما بين ذلك أيضا خبرا عن خفاء علمها عن [ ص: 297 ] الخلق ، إذ كان ما قبله وما بعده كذلك .

وأما قوله : ( لا تأتيكم إلا بغتة ) ، فإنه يقول : لا تجيء الساعة إلا فجأة ، لا تشعرون بمجيئها ، كما : -

15478 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( لا تأتيكم إلا بغتة ) ، يقول : يبغتهم قيامها ، تأتيهم على غفلة .

15479 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( لا تأتيكم إلا بغتة ) ، قضى الله أنها لا تأتيكم إلا بغتة . قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه ، والرجل يسقي ماشيته ، والرجل يقيم سلعته في السوق ، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية