صفحة جزء
[ ص: 160 ] القول في تأويل قوله تعالى ذكره ( خذوا ما آتيناكم بقوة )

قال أبو جعفر : اختلف أهل العربية في تأويل ذلك . فقال بعض نحويي أهل البصرة : هو مما استغنى بدلالة الظاهر المذكور عما ترك ذكره له . وذلك أن معنى الكلام : ورفعنا فوقكم الطور ، وقلنا لكم : خذوا ما آتيناكم بقوة ، وإلا قذفناه عليكم .

وقال بعض نحويي أهل الكوفة : أخذ الميثاق قول فلا حاجة بالكلام إلى إضمار قول فيه ، فيكون من كلامين ، غير أنه ينبغي لكل ما خالف القول من الكلام - الذي هو بمعنى القول - أن يكون معه " أن " كما قال الله جل ثناؤه ( إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك ) [ نوح : 1 ] قال : ويجوز أن تحذف " أن " .

والصواب في ذلك عندنا : أن كل كلام نطق به - مفهوم به معنى ما أريد - ففيه الكفاية من غيره .

ويعني بقوله : ( خذوا ما آتيناكم ) ، ما أمرناكم به في التوراة .

وأصل " الإيتاء " ، الإعطاء .

ويعني بقوله : ( بقوة ) بجد في تأدية ما أمركم فيه وافترض عليكم ، كما : -

1126 - حدثت عن إبراهيم بن بشار قال ، : حدثنا ابن عيينة قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) . قال : تعملوا بما فيه .

1127 - وحدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

1128 - وحدثني المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن [ ص: 161 ] الربيع ، عن أبي العالية : ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) ، قال : بطاعة .

1129 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرازق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة : ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) . قال : " القوة " الجد ، وإلا قذفته عليكم . قال : فأقروا بذلك : أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة .

1130 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( بقوة ) ، يعني : بجد واجتهاد .

1131 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد - وسألته عن قول الله : ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) - قال : خذوا الكتاب الذي جاء به موسى بصدق وبحق .

فتأويل الآية إذا : خذوا ما افترضناه عليكم في كتابنا من الفرائض ، فاقبلوه ، واعملوا باجتهاد منكم في أدائه ، من غير تقصير ولا توان . وذلك هو معنى أخذهم إياه بقوة ، بجد .

التالي السابق


الخدمات العلمية