صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ( 22 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : إن شر ما دب على الأرض من خلق الله عند الله ، الذين يصمون عن الحق لئلا يستمعوه ، فيعتبروا به ويتعظوا به ، وينكصون عنه إن نطقوا به ، الذين لا يعقلون عن الله أمره ونهيه ، فيستعملوا بهما أبدانهم . * * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك : [ ص: 460 ]

15856 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( إن شر الدواب عند الله ) ، قال : " الدواب " ، الخلق .

15857 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، عن عكرمة قال : وكانوا يقولون : " إنا صم بكم عما يدعو إليه محمد ، لا نسمعه منه ، ولا نجيبه به بتصديق ! " فقتلوا جميعا بأحد ، وكانوا أصحاب اللواء .

15858 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " الصم البكم الذين لا يعقلون " ، قال : الذين لا يتبعون الحق .

15859 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) ، وليس بالأصم في الدنيا ولا بالأبكم ، ولكن صم القلوب وبكمها وعميها ! وقرأ : ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [ سورة الحج : 46 ] . * * *

واختلف فيمن عني بهذه الآية .

فقال بعضهم : عني بها نفر من المشركين .

* ذكر من قال ذلك :

15860 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال ، قال ابن عباس : " الصم البكم الذين لا يعقلون " ، نفر من بني عبد الدار ، لا يتبعون الحق .

15861 - . . . . قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( الصم البكم الذين لا يعقلون ) ، قال : لا يتبعون الحق قال ، قال ابن عباس : هم نفر من بني عبد الدار .

15861 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن [ ص: 461 ] ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه . * * *

وقال آخرون : عني بها المنافقون .

* ذكر من قال ذلك :

15862 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) ، [ أي المنافقون الذين نهيتكم أن تكونوا مثلهم ، بكم عن الخير ، صم عن الحق ، لا يعقلون ] ، لا يعرفون ما عليهم في ذلك من النقمة والتباعة . * * *

قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب ، قول من قال بقول ابن عباس : وأنه عني بهذه الآية مشركو قريش ، لأنها في سياق الخبر عنهم . * * * [ ص: 462 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية