صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ( 24 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : معناه : يحول بين الكافر والإيمان ، وبين المؤمن والكفر .

* ذكر من قال ذلك : [ ص: 468 ]

15876 - حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرازي ، عن سعيد بن جبير : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : بين الكافر أن يؤمن ، وبين المؤمن أن يكفر .

15877 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أحمد قالا حدثنا سفيان وحدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، حدثنا الثوري ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن عبد الله الرازي ، عن سعيد بن جبير ، بنحوه .

15878 - حدثني أبو زائدة زكريا بن أبي زائدة قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن عبد الله ، عن سعيد بن جبير ، مثله .

15879 - حدثني أبو السائب وابن وكيع قالا حدثنا أبو معاوية ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بين المؤمن وبين الكفر ، وبين الكافر وبين الإيمان .

15880 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن عبد الله الرازي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، يحول بين الكافر والإيمان وطاعة الله .

15881 - . . . . قال ، حدثنا حفص ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بين المؤمن والكفر ، وبين الكافر والإيمان .

15882 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا عبيد بن سليمان ، وعبد العزيز بن أبي رواد ، عن الضحاك في قوله : ( يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه ) ، قال : يحول بين الكافر وطاعته ، وبين المؤمن ومعصيته .

15883 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أسامة ، عن أبى روق ، عن الضحاك بن مزاحم ، بنحوه .

15884 - . . . . قال ، حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : يحول بين المرء وبين أن يكفر ، وبين الكافر وبين أن يؤمن .

15885 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، عن الضحاك بن مزاحم : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بين الكافر وبين طاعة الله ، وبين المؤمن ومعصية الله .

15886 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال ، حدثنا ابن أبي رواد ، عن الضحاك ، نحوه .

15887 - وحدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، حدثنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول ، فذكر نحوه .

15888 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن منهال قال ، حدثنا المعتمر بن سليمان قال ، سمعت عبد العزيز بن أبي رواد يحدث ، عن الضحاك بن مزاحم في قوله : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بين المؤمن ومعصيته .

15889 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) ، يقول : يحول بين المؤمن وبين الكفر ، ويحول بين الكافر وبين الإيمان .

15890 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) ، يقول : يحول بين الكافر وبين طاعته ، ويحول بين المؤمن وبين معصيته . [ ص: 470 ]

15891 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا المحاربي ، عن ليث ، عن مجاهد : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بين المؤمن وبين الكفر ، وبين الكافر وبين الإيمان .

15892 - . . . . قال ، حدثنا أبي ، عن ابن أبي رواد ، عن الضحاك : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، يقول : يحول بين الكافر وبين طاعته ، وبين المؤمن وبين معصيته .

15893 - . . . . قال ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، عن يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، يحول بين المؤمن والمعاصي ، وبين الكافر والإيمان .

15894 - . . . . قال ، حدثنا عبيدة ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بينه وبين المعاصي . * * *

وقال آخرون : بل معنى ذلك : يحول بين المرء وعقله ، فلا يدري ما يعمل .

* ذكر من قال ذلك :

15895 - حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي قال ، حدثنا عبد المجيد ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بين المرء وعقله .

15896 - حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، حتى تركه لا يعقل .

15897 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

15898 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : [ ص: 471 ] هو كقوله " حال " ، حتى تركه لا يعقل .

15899 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا معقل بن عبيد الله ، عن حميد ، عن مجاهد : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : إذا حال بينك وبين قلبك ، كيف تعمل .

15900 - قال : حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا شريك ، عن خصيف ، عن مجاهد : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بين قلب الكافر ، وأن يعمل خيرا . * * *

وقال آخرون : معناه : يحول بين المرء وقلبه ، أن يقدر على إيمان أو كفر إلا بإذنه .

* ذكر من قال ذلك :

15901 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : يحول بين الإنسان وقلبه ، فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه . * * *

وقال آخرون : معنى ذلك : أنه قريب من قلبه ، لا يخفى عليه شيء أظهره أو أسره .

* ذكر من قال ذلك :

15902 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور قال ، حدثنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( يحول بين المرء وقلبه ) ، قال : هي كقوله : ( أقرب إليه من حبل الوريد ) ، [ سورة ق : 16 ] . * * *

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب عندي في ذلك أن يقال : إن ذلك [ ص: 472 ] خبر من الله عز وجل أنه أملك لقلوب عباده منهم ، وأنه يحول بينهم وبينها إذا شاء ، حتى لا يقدر ذو قلب أن يدرك به شيئا من إيمان أو كفر ، أو أن يعي به شيئا ، أو أن يفهم ، إلا بإذنه ومشيئته . وذلك أن " الحول بين الشيء والشيء " ، إنما هو الحجز بينهما ، وإذا حجز جل ثناؤه بين عبد وقلبه في شيء أن يدركه أو يفهمه ، لم يكن للعبد إلى إدراك ما قد منع الله قلبه إدراكه سبيل .

وإذا كان ذلك معناه ، دخل في ذلك قول من قال : " يحول بين المؤمن والكفر ، وبين الكافر والإيمان " ، وقول من قال : " يحول بينه وبين عقله " ، وقول من قال : " يحول بينه وبين قلبه حتى لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه " ، لأن الله عز وجل إذا حال بين عبد وقلبه ، لم يفهم العبد بقلبه الذي قد حيل بينه وبينه ما منع إدراكه به على ما بينت .

غير أنه ينبغي أن يقال : إن الله عم بقوله : ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) ، الخبر عن أنه يحول بين العبد وقلبه ، ولم يخصص من المعاني التي ذكرنا شيئا دون شيء ، والكلام محتمل كل هذه المعاني ، فالخبر على العموم حتى يخصه ما يجب التسليم له . * * *

وأما قوله : ( وأنه إليه تحشرون ) ، فإن معناه : واعلموا ، أيها المؤمنون ، أيضا ، مع العلم بأن الله يحول بين المرء وقلبه : أن الله الذي يقدر على قلوبكم ، وهو أملك بها منكم ، إليه مصيركم ومرجعكم في القيامة ، فيوفيكم جزاء أعمالكم ، المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، فاتقوه وراقبوه فيما أمركم ونهاكم هو ورسوله أن تضيعوه ، وأن لا تستجيبوا لرسوله إذا دعاكم لما يحييكم ، فيوجب ذلك سخطه ، وتستحقوا به أليم عذابه حين تحشرون إليه . * * * [ ص: 473 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية