صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : أيقنوا ، أيها المؤمنون ، واعلموا أن قسم الغنيمة على ما بينه لكم ربكم ، إن كنتم آمنتم بالله وما أنزل على عبده يوم بدر ، إذ فرق بين الحق والباطل من نصر رسوله " إذ أنتم " ، حينئذ ، " بالعدوة الدنيا " ، يقول : بشفير الوادي الأدنى إلى المدينة " وهم بالعدوة القصوى " ، يقول : وعدوكم من المشركين نزول بشفير الوادي الأقصى إلى مكة " والركب أسفل منكم " ، يقول : والعير فيه أبو سفيان وأصحابه في موضع أسفل منكم إلى ساحل البحر . * * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك :

16139 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : " إذ أنتم بالعدوة الدنيا " ، قال : شفير الوادي الأدنى ، وهم بشفير الوادي الأقصى " والركب أسفل منكم " ، قال : أبو سفيان وأصحابه ، أسفل منهم . [ ص: 564 ]

16140 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى " ، وهما شفير الوادي . كان نبي الله بأعلى الوادي ، والمشركون أسفله " والركب أسفل منكم " ، يعني : أبا سفيان ، [ انحدر بالعير على حوزته ] ، حتى قدم بها مكة .

16141 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى " ، من الوادي إلى مكة " والركب أسفل منكم " ، أي : عير أبي سفيان التي خرجتم لتأخذوها وخرجوا ليمنعوها ، عن غير ميعاد منكم ولا منهم .

16142 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : " والركب أسفل منكم " ، قال : أبو سفيان وأصحابه ، مقبلون من الشأم تجارا ، لم يشعروا بأصحاب بدر ، ولم يشعر محمد صلى الله عليه وسلم بكفار قريش ، ولا كفار قريش بمحمد وأصحابه ، حتى التقى على ماء بدر من يسقي لهم كلهم . فاقتتلوا ، فغلبهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأسروهم .

16143 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بنحوه .

16144 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله . [ ص: 565 ]

16145 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قال : ذكر منازل القوم والعير فقال : " إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى " ، والركب : هو أبو سفيان " أسفل منكم " ، على شاطئ البحر . * * *

واختلفت القرأة في قراءة قوله : " إذ أنتم بالعدوة " .

فقرأ ذلك عامة قرأة المدنيين والكوفيين : ( بالعدوة ) ، بضم العين . * * *

وقرأه بعض المكيين والبصريين : ( بالعدوة ) ، بكسر العين . * * *

قال أبو جعفر : وهما لغتان مشهورتان بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، ينشد بيت الراعي :


وعينان حمر مآقيهما كما نظر العدوة الجؤذر



بكسر العين من " العدوة " ، وكذلك ينشد بيت أوس بن حجر :


وفارس لو تحل الخيل عدوته     ولوا سراعا وما هموا بإقبال

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية