القول في 
تأويل قوله ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ( 73 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : ( والذين كفروا ) ، بالله ورسوله ( 
بعضهم أولياء بعض  ) ، يقول : بعضهم أعوان بعض وأنصاره ، وأحق به من المؤمنين بالله ورسوله . 
وقد ذكرنا قول من قال : "عنى بذلك أن بعضهم أحق بميراث بعض من قرابتهم من المؤمنين" ، وسنذكر بقية من حضرنا ذكره . 
16343 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار  قال : حدثنا 
عبد الرحمن  قال : حدثنا 
سفيان  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  ، عن 
أبي مالك  قال : قال رجل : نورث أرحامنا من المشركين! فنزلت : ( 
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض  ) ، الآية . 
16344 - حدثني 
محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله : ( 
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) ، نزلت في مواريث مشركي أهل العهد . 
16345 - حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله : ( 
والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا  ) ، إلى قوله : ( 
وفساد كبير  ) ، قال : كان المؤمن المهاجر والمؤمن الذي ليس بمهاجر ، لا يتوارثان وإن كانا أخوين مؤمنين . قال : وذلك لأن هذا الدين كان بهذا البلد  
[ ص: 85 ] قليلا حتى كان يوم الفتح ، فلما كان يوم الفتح ، وانقطعت الهجرة توارثوا حيثما كانوا بالأرحام . وقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " 
لا هجرة بعد الفتح  " ، وقرأ : ( 
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله  ) . 
وقال آخرون : معنى ذلك : أن الكفار بعضهم أنصار بعض وأنه لا يكون مؤمنا من كان مقيما بدار الحرب لم يهاجر . 
ذكر من قال ذلك : 
16346 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  ، عن 
قتادة  قوله : ( 
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض  ) ، قال : كان ينزل الرجل بين المسلمين والمشركين ، فيقول : إن ظهر هؤلاء كنت معهم ، وإن ظهر هؤلاء كنت معهم! فأبى الله عليهم ذلك ، وأنزل الله في ذلك ، فلا تراءى نار مسلم ونار مشرك ، إلا صاحب جزية مقر بالخراج . 
16347 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة  ، عن 
ابن إسحاق  قال : حض الله المؤمنين على التواصل ، فجعل 
المهاجرين  والأنصار  أهل ولاية في الدين دون سواهم ، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض . 
وأما قوله : ( 
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله . 
فقال بعضهم : معناه : إلا تفعلوا ، أيها المؤمنون ، ما أمرتم به من موارثة 
المهاجرين  منكم بعضهم من بعض بالهجرة ، 
والأنصار  بالإيمان ، دون أقربائهم من أعراب المسلمين ودون الكفار ( تكن فتنة ) ، يقول : يحدث بلاء في الأرض  
[ ص: 86 ] بسبب ذلك ( 
وفساد كبير  ) ، يعني : ومعاص لله . 
ذكر من قال ذلك : 
16348 - حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله : ( 
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) ، إلا تفعلوا هذا ، تتركوهم يتوارثون كما كانوا يتوارثون ( 
تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) . قال : ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الإيمان إلا بالهجرة ، ولا يجعلونهم منهم إلا بالهجرة . 
16349 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال : حدثني 
معاوية  ، عن 
علي  ، عن 
ابن عباس  ، قوله : ( 
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض  ) ، يعني في الميراث ( إلا تفعلوه ) ، يقول : إلا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به ( 
تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) ، 
وقال آخرون : معنى ذلك : إلا تناصروا ، أيها المؤمنون ، في الدين ، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . 
ذكر من قال ذلك : 
16350 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة  ، عن 
ابن إسحاق  ، قال : جعل 
المهاجرين  والأنصار  أهل ولاية في الدين دون من سواهم ، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض ، ثم قال : ( 
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) ، إلا يوال المؤمن المؤمن من دون الكافر ، وإن كان ذا رحم به ( 
تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) ، أي : شبهة في الحق والباطل ، وظهور الفساد في الأرض ، بتولي  
[ ص: 87 ] المؤمن الكافر دون المؤمن ، ثم رد المواريث إلى الأرحام . 
16351 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج  قال : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قوله : ( 
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) ، قال : إلا تعاونوا وتناصروا في الدين ( 
تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) . 
قال 
أبو جعفر   : وأولى التأويلين بتأويل قوله : ( 
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض  ) ، قول من قال : معناه : أن بعضهم أنصار بعض دون المؤمنين ، وأنه دلالة على تحريم الله على المؤمن المقام في دار الحرب وترك الهجرة؛ لأن المعروف في كلام العرب من معنى "الولي" ، أنه النصير والمعين ، أو ابن العم والنسيب ، فأما الوارث فغير معروف ذلك من معانيه ، إلا بمعنى أنه يليه في القيام بإرثه من بعده ، وذلك معنى بعيد ، وإن كان قد يحتمله الكلام . وتوجيه معنى كلام الله إلى الأظهر الأشهر أولى من توجيهه إلى خلاف ذلك . 
وإذ كان ذلك كذلك ، فبين أن أولى التأويلين بقوله : ( 
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  ) ، تأويل من قال : إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التعاون والنصرة على الدين ، تكن فتنة في الأرض إذ كان مبتدأ الآية من قوله : ( 
إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله  ) . بالحث على 
الموالاة على الدين والتناصر جاء ، فكذلك الواجب أن يكون خاتمتها به .