صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض )

قال أبو جعفر : فقال الذين قيل لهم : ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) - بعد أن علموا واستقر عندهم ، أن الذي أمرهم به موسى من ذلك عن أمر الله من ذبح بقرة - جد وحق ، ( ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) ، فسألوا موسى أن يسأل ربه لهم ما كان الله قد كفاهم بقوله لهم : " اذبحوا بقرة " . لأنه جل ثناؤه إنما أمرهم بذبح بقرة من البقر - أي بقرة شاءوا ذبحها من غير أن يحصر لهم ذلك على نوع منها دون نوع أو صنف دون صنف - فقالوا بجفاء أخلاقهم وغلظ طبائعهم ، وسوء أفهامهم ، وتكلف ما قد وضع الله عنهم مئونته ، تعنتا منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما : -

1183 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : لما قال لهم موسى : ( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) . قالوا له يتعنتونه : ( ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) .

فلما تكلفوا جهلا منهم ما تكلفوا من البحث عما كانوا قد كفوه من صفة البقرة التي أمروا بذبحها ، تعنتا منهم نبيهم موسى صلوات الله عليه ، بعد الذي كانوا أظهروا له من سوء الظن به فيما أخبرهم عن الله جل ثناؤه ، بقولهم : ( أتتخذنا هزوا ) - عاقبهم عز وجل بأن حصر ذبح ما كان أمرهم بذبحه [ ص: 190 ] من البقر على نوع منها دون نوع ، فقال لهم جل ثناؤه - إذ سألوه فقالوا : ما هي ؟ ما صفتها ؟ وما حليتها ؟ حلها لنا لنعرفها ! - قال : ( إنها بقرة لا فارض ولا بكر ) .

يعني بقوله جل ثناؤه : ( لا فارض ) لا مسنة هرمة . يقال منه : فرضت البقرة تفرض فروضا " ، يعني بذلك : أسنت . ومن ذلك قول الشاعر :


يا رب ذي ضغن علي فارض له قروء كقروء الحائض

يعنى بقوله : " فارض " ، قديم . يصف ضغنا قديما . ومنه قول الآخر :


لها زجاج ولهاة فارض     حدلاء كالوطب نحاه الماخض

[ ص: 191 ] وبمثل الذي قلنا في تأويل " فارض " قال المتأولون :

ذكر من قال ذلك :

1184 - حدثني علي بن سعيد الكندي قال ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن خصيف ، عن مجاهد : ( لا فارض ) ، قال : لا كبيرة .

1185 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن عطية قال ، حدثنا شريك ، عن خصيف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أو عن عكرمة ، شك شريك - : ( لا فارض ) ، قال : الكبيرة .

1185 - حدثني محمد بن سعد قال ، أخبرني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( لا فارض ) ، الفارض : الهرمة .

1186 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( لا فارض ) ، يقول : ليست بكبيرة هرمة .

1187 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج : عن عطاء الخراساني عن ابن عباس : ( لا فارض ) ، الهرمة .

1188 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " الفارض " الكبيرة .

1189 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال ، [ ص: 192 ] حدثنا شريك ، عن خصيف ، عن مجاهد قوله : ( لا فارض ) ، قال : الكبيرة .

1190 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( لا فارض ) ، يعني : لا هرمة .

1191 - حدثت عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع مثله .

1192 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : " الفارض " ، الهرمة .

1193 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، قال معمر ، قال قتادة : " الفارض " الهرمة . يقول : ليست بالهرمة ولا البكر عوان بين ذلك .

1194 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " الفارض " ، الهرمة التي لا تلد .

1195 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : " الفارض " ، الكبيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية