القول في 
تأويل قوله ( عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين  ( 43 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : وهذا عتاب من الله تعالى ذكره ، عاتب به نبيه صلى الله عليه وسلم في إذنه لمن أذن له في التخلف عنه ، حين شخص إلى 
تبوك  لغزو 
الروم ،  من المنافقين . 
يقول جل ثناؤه : ( 
عفا الله عنك  ) ، يا 
محمد ،  ما كان منك في إذنك لهؤلاء المنافقين الذين استأذنوك في ترك الخروج معك ، وفي التخلف عنك ، من قبل أن تعلم صدقه من كذبه 
( 
لم أذنت لهم  ) ، لأي شيء أذنت لهم؟  
[ ص: 273 ]  ( 
حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين  ) ، يقول : ما كان ينبغي لك أن تأذن لهم في التخلف عنك إذ قالوا لك : ( 
لو استطعنا لخرجنا معك  ) ، حتى تعرف من له العذر منهم في تخلفه ، ومن لا عذر له منهم ، فيكون إذنك لمن أذنت له منهم على علم منك بعذره ، وتعلم من الكاذب منهم المتخلف نفاقا وشكا في دين الله . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
16763 - حدثنا 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم  قال : حدثنا 
عيسى  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد   : ( 
عفا الله عنك لم أذنت لهم  ) ، قال : ناس قالوا : استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن أذن لكم فاقعدوا ، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا . 
16764 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  ، عن 
قتادة  قوله : ( 
عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا  ) ، الآية ، عاتبه كما تسمعون ، ثم أنزل الله التي في "سورة النور" ، فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء ، فقال : ( 
فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم  ) ، [ سورة النور : 62 ] ، فجعله الله رخصة في ذلك من ذلك . 
16765 - حدثني 
الحارث  قال : حدثنا 
عبد العزيز  قال : حدثنا 
سفيان بن عيينة ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار  ، عن 
عمرو بن ميمون الأودي  قال : اثنتان فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤمر فيهما بشيء : إذنه للمنافقين ، وأخذه من الأسارى ، فأنزل الله : ( 
عفا الله عنك لم أذنت لهم  ) ، الآية . 
16766 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
عبيد بن سليمان  قال : قرأت على 
 nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة  ، قال : هكذا سمعته من 
قتادة  ، قوله : ( 
عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين  )  
[ ص: 274 ] ، الآية ، ثم أنزل الله بعد ذلك في "سورة النور" : ( 
فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم  ) ، الآية . 
16767 - حدثنا 
صالح بن مسمار  قال : حدثنا 
النضر بن شميل  قال : أخبرنا 
موسى بن سروان  ، قال : سألت 
مورقا  عن قوله : ( 
عفا الله عنك  ) ، قال : عاتبه ربه .