القول في 
تأويل قوله ( لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين  ( 44 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : وهذا إعلام من الله نبيه صلى الله عليه وسلم سيما المنافقين : أن من علاماتهم التي يعرفون بها تخلفهم عن الجهاد في سبيل الله ، باستئذانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تركهم الخروج معه إذا استنفروا بالمعاذير الكاذبة . 
يقول - جل ثناؤه - لنبيه 
محمد  صلى الله عليه وسلم : يا 
محمد ،  لا تأذنن في التخلف عنك إذا خرجت لغزو عدوك ، لمن استأذنك في التخلف من غير عذر ، فإنه لا يستأذنك في ذلك إلا منافق لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، فأما الذي يصدق بالله ، ويقر بوحدانيته وبالبعث والدار الآخرة والثواب والعقاب ، فإنه لا يستأذنك في  
[ ص: 275 ] ترك الغزو وجهاد أعداء الله بماله ونفسه ( 
والله عليم بالمتقين  ) ، يقول : والله ذو علم بمن خافه ، فاتقاه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه ، والمسارعة إلى طاعته في غزو عدوه وجهادهم بماله ونفسه ، وغير ذلك من أمره ونهيه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
16768 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو صالح  قال : حدثني 
معاوية  ، عن 
علي ،  عن 
ابن عباس  قوله : ( 
لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله  ) ، فهذا تعيير للمنافقين حين استأذنوا في القعود عن الجهاد من غير عذر ، وعذر الله المؤمنين ، فقال : ( 
لم يذهبوا حتى يستأذنوه  ) ، [ سورة النور : 62 ] .