صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ( 49 ) )

قال أبو جعفر : وذكر أن هذه الآية نزلت في الجد بن قيس .

ويعني - جل ثناؤه - بقوله : ( ومنهم ) ، ومن المنافقين ( من يقول ائذن لي ) ، أقم فلا أشخص معك ( ولا تفتني ) ، يقول : ولا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتهم ، فإني بالنساء مغرم ، فأخرج وآثم بذلك .

وبذلك من التأويل تظاهرت الأخبار عن أهل التأويل .

ذكر الرواية بذلك عمن قاله :

16785 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا [ ص: 287 ] عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : ( ائذن لي ولا تفتني ) ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغزوا تبوك ، تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم ! فقال الجد : ائذن لنا ، ولا تفتنا بالنساء .

16786 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغزوا تغنموا بنات الأصفر يعني نساء الروم ، ثم ذكر مثله .

16787 - . . . . . . قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال ابن عباس قوله : ( ائذن لي ولا تفتني ) ، قال : هو الجد بن قيس قال : قد علمت الأنصار أني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن ، ولكن أعينك بمالي .

16788 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبي بكر ، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ، للجد بن قيس أخي بني سلمة : هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر؟ فقال : يا رسول الله ، أو تأذن لي ولا تفتني ، فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا بالنساء مني ، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن ! فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : قد أذنت لك ، ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ) ، الآية ، أي : إن كان إنما يخشى الفتنة من نساء بني الأصفر وليس ذلك به ، فما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرغبة بنفسه عن نفسه ، أعظم .

16789 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في [ ص: 288 ] قوله : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ) ، قال : هو رجل من المنافقين يقال له جد بن قيس ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : العام نغزو بني الأصفر ونتخذ منهم سراري ووصفاء فقال : أي رسول الله ، ائذن لي ولا تفتني ، إن لم تأذن لي افتتنت وقعدت ! وغضب [ رسول الله صلى الله عليه وسلم ] ، فقال الله : ( ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) ، وكان من بني سلمة ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : من سيدكم يا بني سلمة؟ فقالوا : جد بن قيس ، غير أنه بخيل جبان! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "وأي داء أدوى من البخل ، ولكن سيدكم الفتى الأبيض ، الجعد : بشر بن البراء بن معرور .

16790 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ) ، يقول : ائذن لي ولا تحرجني ( ألا في الفتنة سقطوا ) ، يعني : في الحرج سقطوا .

16791 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ) ، ولا تؤثمني ، ألا في الإثم سقطوا . [ ص: 289 ]

وقوله : ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) ، يقول : وإن النار لمطيفة بمن كفر بالله وجحد آياته وكذب رسله ، محدقة بهم ، جامعة لهم جميعا يوم القيامة .

يقول : فكفى للجد بن قيس وأشكاله من المنافقين بصليها خزيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية