القول في تأويل قوله ( 
وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم  ( 72 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول - تعالى ذكره - : وعد الله الذين صدقوا الله ورسوله ، وأقروا به وبما جاء به من عند الله من الرجال والنساء ( 
جنات تجري من تحتها الأنهار  ) يقول : بساتين تجري تحت أشجارها الأنهار ( 
خالدين فيها  ) يقول : لابثين فيها أبدا ، مقيمين لا يزول عنهم نعيمها ولا يبيد ( 
ومساكن طيبة  ) يقول : ومنازل يسكنونها طيبة .  
[ ص: 349 ]  " وطيبها " أنها - فيما ذكر لنا - كما : - 
16940 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
إسحاق بن سليمان  عن 
جسر  nindex.php?page=hadith&LINKID=3501966عن الحسن  قال : سألت عمران بن حصين   nindex.php?page=showalam&ids=3وأبا هريرة  عن آية في كتاب الله تبارك وتعالى : ( ومساكن طيبة في جنات عدن  ) فقالا : على الخبير سقطت ! سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قصر في الجنة من لؤلؤ ، فيه سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا  . 
16941 - حدثنا 
إبراهيم بن سعيد الجوهري  قال : حدثنا 
قرة بن حبيب  عن 
جسر بن فرقد  عن 
الحسن  ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501967عن عمران بن حصين   nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة  قالا سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية : ( ومساكن طيبة في جنات عدن  ) قال : قصر من لؤلؤة ، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كل دار سبعون بيتا من زبرجدة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا ، على كل سرير فراشا من كل لون ، على كل فراش زوجة من الحور العين ، في كل بيت سبعون مائدة ،  [ ص: 350 ] على كل مائدة سبعون لونا من طعام ، في كل بيت سبعون وصيفة ، ويعطى المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتي على ذلك كله أجمع  . 
وأما قوله : ( 
في جنات عدن  ) فإنه يعني : وهذه 
المساكن الطيبة التي وصفها - جل ثناؤه - ( في جنات عدن  )  . 
" وفي " من صلة " مساكن " . 
وقيل : " جنات عدن " ، لأنها بساتين خلد وإقامة ، لا يظعن منها أحد . 
وقيل : إنما قيل لها ( 
جنات عدن  ) ؛ لأنها دار الله التي استخلصها لنفسه ، ولمن شاء من خلقه من قول العرب : " عدن فلان بأرض كذا " إذا أقام بها وخلد بها ، ومنه " المعدن " ويقال : " هو في معدن صدق " يعني به : أنه في أصل ثابت . وقد أنشد بعض الرواة بيت 
الأعشى   : 
وإن يستضيفوا إلى حلمه يضافوا إلى راجح قد عدن 
 [ ص: 351 ] وينشد : " قد وزن " . 
وكالذي قلنا في ذلك كان 
ابن عباس  وجماعة معه - فيما ذكر - يتأولونه . 
16942 - حدثني 
إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد  قال : حدثنا 
عتاب بن بشير  عن 
خصيف  عن 
عكرمة  عن 
ابن عباس   : ( جنات عدن ) قال : " معدن الرجل " الذي يكون فيه  . 
16943 - حدثنا 
محمد بن سهل بن عسكر  قال : حدثنا 
ابن أبي مريم  قال : حدثنا 
الليث بن سعد  عن 
زيادة بن محمد  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي  عن 
فضالة بن عبيد  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501968إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل ، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره ، فيمحو ما يشاء ويثبت . ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن ، وهي في داره التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر ، وهي مسكنه ، ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة : النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، ثم يقول : طوبى لمن دخلك ، وذكر في الساعة الثالثة  .  
[ ص: 352 ]  16944 - حدثني 
موسى بن سهل  قال : حدثنا 
آدم  قال : حدثنا 
الليث بن سعد  قال : حدثنا 
زيادة بن محمد  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي  عن 
فضالة بن عبيد  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501969عدن داره - يعني : دار الله - التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر ، وهي مسكنه ، ولا يسكنها معه من بني آدم غير ثلاثة : النبيين ، والصديقين ، والشهداء . يقول الله تبارك وتعالى : طوبى لمن دخلك  . 
وقال آخرون : 
معنى ( جنات عدن  ) جنات أعناب وكروم . 
ذكر من قال ذلك : 
16945 - حدثني 
أحمد بن أبي سريج الرازي  قال : حدثنا 
زكريا بن عدي  قال : حدثنا 
عبيد الله بن عمرو  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد  عن 
عبد الله بن الحارث   : أن 
ابن عباس  سأل 
كعبا  عن جنات عدن ، فقال : هي الكروم والأعناب بالسريانية  . 
وقال آخرون : هي اسم لبطنان الجنة ووسطها . 
ذكر من قال ذلك :  
[ ص: 353 ]  16946 - حدثنا 
حميد بن مسعدة  قال : حدثنا 
بشر بن المفضل  قال : حدثنا 
شعبة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان الأعمش  عن 
عبد الله بن مرة  عن 
مسروق  عن 
عبد الله  قال : " عدن " بطنان الجنة  . 
16947 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار   nindex.php?page=showalam&ids=12166ومحمد بن المثنى  قالا : حدثنا 
يحيى بن سعيد  عن 
سفيان  وشعبة  عن 
الأعمش  عن 
عبد الله بن مرة  عن 
مسروق  عن 
عبد الله  في قوله : ( جنات عدن ) قال : بطنان الجنة . قال ابن بشار في حديثه ، فقلت : ما بطنانها ؟ وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى  في حديثه ، فقلت 
للأعمش   : ما بطنان الجنة ؟ قال : وسطها  . 
16948 - حدثنا 
ابن بشار  قال : حدثنا 
عبد الرحمن  قال : حدثنا 
سفيان  عن 
الأعمش  عن 
عبد الله بن مرة  وأبي الضحى  عن 
مسروق  عن 
عبد الله   : ( جنات عدن ) قال : بطنان الجنة  . 
16949 - . . . . . . قال : حدثنا 
عبد الرحمن  قال : حدثنا 
شعبة  عن 
الأعمش  عن 
أبي الضحى  عن 
مسروق  عن 
عبد الله  بمثله . 
16950 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى  قال : حدثنا 
ابن أبي عدي  عن 
شعبة  عن 
سليمان  عن 
عبد الله بن مرة  عن 
مسروق  عن 
عبد الله  مثله . 
16951 - حدثنا 
أحمد بن أبي سريج  قال : حدثنا 
أبو أحمد الزبيري  قال : حدثنا 
سفيان  عن 
الأعمش  عن 
أبي الضحى  وعبد الله بن مرة  عنهما جميعا ، أو عن أحدهما ، عن 
مسروق  عن 
عبد الله   : ( جنات عدن ) قال : بطنان الجنة  . 
16952 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
جرير  عن 
منصور  عن 
أبي الضحى  عن 
مسروق  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  في قول الله : ( جنات عدن ) قال : بطنان الجنة  .  
[ ص: 354 ] وقال آخرون : " عدن " اسم لقصر . 
ذكر من قال ذلك : 
16953 - حدثني 
علي بن سعيد الكندي  قال : حدثنا 
عبدة أبو غسان  عن 
عون بن موسى الكناني  عن 
الحسن  قال : " جنات عدن " وما أدراك ما جنات عدن ؟ قصر من ذهب ، لا يدخله إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد ، أو حكم عدل ، ورفع به صوته  . 
16954 - حدثنا 
أحمد بن أبي سريج  قال : حدثنا 
عبد الله بن عاصم  قال : حدثنا 
عون بن موسى  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن  يقول : جنات عدن ، وما أدراك ما جنات عدن ؟ قصر من ذهب ، لا يدخله إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد ، أو حكم عدل ، رفع 
الحسن  به صوته  . 
16955 - حدثنا 
أحمد  قال : حدثنا 
يزيد  قال : أخبرنا 
حماد بن سلمة  عن 
يعلى بن عطاء  عن 
نافع بن عاصم  عن 
عبد الله بن عمرو  قال : إن في الجنة قصرا يقال له " عدن " حوله البروج والروح ، له خمسون ألف باب ، على كل باب حبرة ، لا يدخله إلا نبي أو صديق  . 
16956 - حدثنا 
الحسن بن ناصح  قال : حدثنا 
أبو داود  قال : حدثنا 
شعبة  عن 
يعلى بن عطاء  قال : سمعت 
يعقوب بن عاصم  يحدث ، عن 
عبد الله بن عمرو   :  
[ ص: 355 ] أن في الجنة قصرا يقال له " عدن " له خمسة آلاف باب ، على كل باب خمسة آلاف حبرة ، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد  . 
وقيل : هي مدينة الجنة . 
ذكر من قال ذلك : 
16957 - حدثت عن 
عبد الرحمن المحاربي  عن 
جويبر  عن 
الضحاك   : في ( 
جنات عدن  ) قال : هي مدينة الجنة ، فيها الرسل والأنبياء والشهداء ، وأئمة الهدى ، والناس حولهم بعد ، والجنات حولها  . 
وقيل : إنه اسم نهر . 
ذكر من قال ذلك : 
16958 - حدثت عن 
المحاربي  عن 
واصل بن السائب الرقاشي  عن 
عطاء  قال : " عدن " نهر في الجنة ، جناته على حافتيه  . 
وأما 
قوله : ( ورضوان من الله أكبر  ) فإن معناه : ورضا الله عنهم أكبر من ذلك كله ، وبذلك جاء الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .  
[ ص: 356 ]  16959 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
سويد  قال : أخبرنا 
ابن المبارك  عن 
مالك بن أنس  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501970إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ! فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ! فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : ما لنا لا نرضى ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك . قالوا : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ! قال : أحل عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا  . 
16960 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثني 
يعقوب  عن 
حفص  عن 
شمر  قال : يجيء القرآن يوم القيامة في صورة الرجل الشاحب ، إلى الرجل حين ينشق عنه قبره ، فيقول : أبشر بكرامة الله ! أبشر برضوان الله ! فيقول مثلك من يبشر بالخير ؟ ومن أنت ؟ فيقول : أنا القرآن الذي كنت أسهر ليلك ، وأظمئ نهارك ! فيحمله على رقبته حتى يوافي به ربه ، فيمثل بين يديه فيقول : يا رب ، عبدك هذا ، اجزه عني خيرا ، فقد كنت أسهر ليله ، وأظمئ نهاره ، وآمره فيطيعني ، وأنهاه فيطيعني . فيقول الرب - تبارك وتعالى - : فله حلة الكرامة . فيقول : أي رب ، زده ، فإنه أهل ذلك ! فيقول : فله رضواني قال : ( 
ورضوان من الله أكبر  )  .  
[ ص: 357 ] وابتدئ الخبر عن " رضوان الله " للمؤمنين والمؤمنات أنه أكبر من كل ما ذكر - جل ثناؤه - فرفع ، وإن كان " الرضوان " فيما قد وعدهم . ولم يعطف به في الإعراب على " الجنات " " والمساكن الطيبة " ليعلم بذلك تفضيل الله رضوانه عن المؤمنين على سائر ما قسم لهم من فضله ، وأعطاهم من كرامته نظير قول القائل في الكلام لآخر : " أعطيتك ووصلتك بكذا ، وأكرمتك ، ورضاي بعد عنك أفضل لك " . 
( 
ذلك هو الفوز العظيم  ) هذه الأشياء التي وعدت المؤمنين والمؤمنات ( 
هو الفوز العظيم  ) يقول : هو الظفر العظيم ، والنجاء الجسيم ؛ لأنهم ظفروا بكرامة الأبد ، ونجوا من الهوان في سقر ، فهو الفوز العظيم الذي لا شيء أعظم منه .