1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة التوبة
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى "
صفحة جزء
[ ص: 509 ] القول في تأويل قوله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ( 113 ) وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ما كان ينبغي للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا به " أن يستغفروا " يقول : أن يدعوا بالمغفرة للمشركين ، ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم " أولي قربى " ذوي قرابة لهم " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " يقول : من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان ، وتبين لهم أنهم من أهل النار ؛ لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك ، فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله . فإن قالوا : فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك ؟ فلم يكن استغفار إبراهيم لأبيه إلا لموعدة وعدها إياه . فلما تبين له وعلم أنه لله عدو ، خلاه وتركه ، وترك الاستغفار له ، وآثر الله وأمره عليه ، فتبرأ منه حين تبين له أمره .

واختلف أهل التأويل في السبب الذي نزلت هذه الآية فيه .

فقال بعضهم : نزلت في شأن أبي طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يستغفر له بعد موته ، فنهاه الله عن ذلك .

ذكر من قال ذلك :

17324 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة ، دخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : يا عم قل : لا إله إلا الله ، كلمة [ ص: 510 ] أحاج لك بها عند الله . فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فنزلت : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " . ونزلت : ( إنك لا تهدي من أحببت ) [ القصص : 56 ] .

17325 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب قال : حدثني يونس ، عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، عن أبيه ، قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة ، جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عم قل : لا إله إلا الله ، كلمة أشهد لك بها عند الله . قال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب . فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة ، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : " هو على ملة عبد المطلب " . وأبى أن يقول : " لا إله إلا الله " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فأنزل الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله : ( إنك لا تهدي من أحببت ) الآية .

17326 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا [ ص: 511 ] عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " قال : يقول المؤمنون : ألا نستغفر لآبائنا وقد استغفر إبراهيم لأبيه كافرا ؟ فأنزل الله : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .

17327 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن عمرو بن دينار : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك ، فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربي . فقال أصحابه : لنستغفرن لآبائنا كما استغفر النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه . فأنزل الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " إلى قوله : " تبرأ منه " .

17328 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب قال : لما حضر أبا طالب الوفاة أتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل بن هشام . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي عم ، إنك أعظم الناس علي حقا ، وأحسنهم عندي يدا ، ولأنت أعظم علي حقا من والدي ، فقل كلمة تجب لي بها الشفاعة يوم القيامة ، قل : لا إله إلا الله . ثم ذكر نحو حديث ابن عبد الأعلى ، عن محمد بن ثور .

وقال آخرون : بل نزلت في سبب أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك أنه أراد أن يستغفر لها ، فمنع من ذلك .

ذكر من قال ذلك :

17329 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا فضيل ، عن عطية قال : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس ، رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها ، حتى نزلت : [ ص: 512 ] " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " إلى قوله : " تبرأ منه " .

17330 - . . . . . قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا قيس ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى رسم - قال : وأكثر ظني أنه قال - : قبر فجلس إليه ، فجعل يخاطب ، ثم قام مستعبرا ، فقلت : يا رسول الله ، إنا رأينا ما صنعت . قال : إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي . فما رئي باكيا أكثر من يومئذ .

17331 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا " إلى : " أنهم أصحاب الجحيم " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يستغفر لأمه فنهاه الله عن ذلك ، فقال : وإن إبراهيم خليل الله قد استغفر لأبيه . فأنزل الله : وما كان استغفار إبراهيم " إلى " لأواه حليم " . [ ص: 513 ] وقال آخرون : بل نزلت من أجل أن قوما من أهل الإيمان كانوا يستغفرون لموتاهم من المشركين ، فنهوا عن ذلك .

ذكر من قال ذلك :

17332 - حدثني المثنى قال : حدثني عبد الله بن صالح قال : حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . فكانوا يستغفرون لهم ، حتى نزلت هذه الآية . فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا ، ثم أنزل الله : وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .

17333 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا يا نبي الله : إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ، ويصل الأرحام ، ويفك العاني ، ويوفي بالذمم ، أفلا نستغفر لهم ؟ قال : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : بلى . والله لأستغفرن لأبي ، كما استغفر إبراهيم لأبيه . قال : فأنزل الله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " حتى بلغ : " الجحيم " . ثم عذر الله إبراهيم فقال : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه . قال : وذكر لنا أن نبي الله قال : أوحي إلي كلمات فدخلن في أذني ، ووقرن في قلبي : أمرت ألا أستغفر لمن مات مشركا ، ومن أعطى فضل ماله فهو خير له ، ومن أمسك فهو شر له ، ولا يلوم الله على كفاف " . [ ص: 514 ] واختلف أهل العربية في معنى قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " .

فقال بعض نحويي البصرة : معنى ذلك : ما كان لهم الاستغفار ، وكذلك معنى قوله : ( وما كان لنفس أن تؤمن ) وما كان لنفس الإيمان ( إلا بإذن الله ) [ يونس : 100 ] .

وقال بعض نحويي الكوفة : معناه : ما كان ينبغي لهم أن يستغفروا لهم . قال : وكذلك إذا جاءت " أن " مع " كان " فكلها بتأويل : ينبغي ، ( وما كان لنبي أن يغل ) [ آل عمران : 161 ] ما كان ينبغي له ، ليس هذا من أخلاقه . قال : فلذلك دخلت " أن " لتدل على الاستقبال ؛ لأن " ينبغي " تطلب الاستقبال .

وأما قوله : وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " فإن أهل العلم اختلفوا في السبب الذي أنزل فيه .

فقال بعضهم : أنزل من أجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يستغفرون لموتاهم المشركين ظنا منهم أن إبراهيم خليل الرحمن قد فعل ذلك حين أنزل الله قوله خبرا عن إبراهيم : ( قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ) [ مريم : 47 ] .

وقد ذكرنا الرواية عن بعض من حضرنا ذكره ، وسنذكر عمن لم نذكره .

17334 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل ، عن علي قال : سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان . فقلت : أيستغفر الرجل لوالديه وهما مشركان ؟ فقال : أولم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟ قال : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له . [ ص: 515 ] فأنزل الله : " وما كان استغفار إبراهيم " إلى " تبرأ منه " .

17335 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل ، عن علي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستغفر لأبويه وهما مشركان ، حتى نزلت : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه " إلى قوله : " تبرأ منه " .

وقيل : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة " ومعناه : إلا من بعد موعدة ، كما يقال : " ما كان هذا الأمر إلا عن سبب كذا " بمعنى : من بعد ذلك السبب ، أو من أجله . فكذلك قوله : " إلا عن موعدة " من أجل موعدة وبعدها .

وقد تأول قوم قول الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " الآية أن النهي من الله عن الاستغفار للمشركين بعد مماتهم لقوله : " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وقالوا : ذلك لا يتبينه أحد إلا بأن يموت على كفره ، وأما وهو حي فلا سبيل إلى علم ذلك ، فللمؤمنين أن يستغفروا لهم . [ ص: 516 ] ذكر من قال ذلك :

17336 - حدثنا سليمان بن عمر الرقي ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان الثوري ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير قال : مات رجل يهودي وله ابن مسلم ، فلم يخرج معه ، فذكر ذلك لابن عباس فقال : كان ينبغي له أن يمشي معه ويدفنه ، ويدعو له بالصلاح ما دام حيا ، فإذا مات وكله إلى شأنه . ثم قال : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ، لم يدع .

17337 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا فضيل ، عن ضرار بن مرة ، عن سعيد بن جبير قال : مات رجل نصراني ، فوكله ابنه إلى أهل دينه ، فأتيت ابن عباس فذكرت ذلك له . فقال : ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له ؟ ثم تلا " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .

وتأول آخرون " الاستغفار " في هذا الموضع بمعنى الصلاة .

ذكر من قال ذلك :

17338 - حدثني المثني قال : حدثني إسحاق قال : حدثنا كثير [ ص: 517 ] بن هشام ، عن جعفر بن برقان قال : حدثنا حبيب بن أبي مرزوق ، عن عطاء بن أبي رباح قال : ما كنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا ؛ لأني لم أسمع الله يحجب الصلاة إلا عن المشركين يقول الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " .

وتأوله آخرون بمعنى الاستغفار الذي هو دعاء .

ذكر من قال ذلك :

17339 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن عصمة بن زامل ، عن أبيه قال : سمعت أبا هريرة يقول : رحم الله رجلا استغفر لأبي هريرة ولأمه ، قلت : ولأبيه ؟ قال : لا إن أبي مات وهو مشرك .

قال أبو جعفر : وقد دللنا على أن معنى " الاستغفار " : مسألة العبد ربه غفر الذنوب . وإذ كان ذلك كذلك ، وكانت مسألة العبد ربه ذلك قد تكون في الصلاة وفي غير الصلاة ، لم يكن أحد القولين اللذين ذكرنا فاسدا ؛ لأن الله عم بالنهي عن الاستغفار للمشرك بعدما تبين له أنه من أصحاب الجحيم ، ولم يخصص عن ذلك حالا أباح فيها الاستغفار له . [ ص: 518 ] وأما قوله : " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " فإن معناه : ما قد بينت من أنه من بعد ما يعلمون بموته كافرا أنه من أهل النار .

وقيل : " أصحاب الجحيم " لأنهم سكانها وأهلها الكائنون فيها ، كما يقال لسكان الدار : " هؤلاء أصحاب هذه الدار " بمعنى : سكانها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

17340 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم قال : تبين للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن أبا طالب حين مات أن التوبة قد انقطعت عنه .

17341 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : " تبين له " حين مات ، وعلم أن التوبة قد انقطعت عنه يعني في قوله : " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " .

17342 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك في قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . يقول : إذا ماتوا مشركين يقول الله : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ) الآية [ المائدة : 72 ] .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " .

قال بعضهم : معناه : فلما تبين له بموته مشركا بالله تبرأ منه ، وترك الاستغفار له .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 519 ] 17343 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " .

17344 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو لله .

17345 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما مات لم يستغفر له .

17346 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " يعني : استغفر له ما كان حيا ، فلما مات أمسك عن الاستغفار له .

17347 - حدثني مطر بن محمد الضبي قال : حدثنا أبو عاصم وأبو قتيبة مسلم بن قتيبة قالا : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد في قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : لما مات .

17348 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد مثله .

17349 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " فلما تبين له أنه عدو لله " قال : موته وهو كافر .

17350 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثني أبي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد مثله . [ ص: 520 ] 17351 - . . . . . . قال : حدثنا ابن أبي غنية ، عن أبيه ، عن الحكم : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : حين مات ولم يؤمن .

17352 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن عمرو بن دينار : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " : موته وهو كافر .

17353 - . . . . . قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : لما مات .

17354 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " لما مات على شركه " تبرأ منه " .

17355 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه " كان إبراهيم - صلوات الله عليه - يرجو أن يؤمن أبوه ما دام حيا ، فلما مات على شركه تبرأ منه .

17356 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : موته وهو كافر .

17357 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : [ ص: 521 ] ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما مات تبين له أنه عدو لله ، فلم يستغفر له .

17358 - . . . . . . قال : حدثنا أبو أحمد قال : أبو إسرائيل ، عن علي ابن بذيمة عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " فلما تبين له أنه عدو لله " قال : فلما مات .

وقال آخرون : معناه : فلما تبين له في الآخرة . وذلك أن أباه يتعلق به إذا أراد أن يجوز الصراط فيمر به عليه ، حتى إذا كاد أن يجاوزه ، حانت من إبراهيم التفاتة ، فإذا هو بأبيه في صورة قرد أو ضبع ، فيخلي عنه ويتبرأ منه حينئذ .

ذكر من قال ذلك :

17359 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا حفص بن غياث قال : حدثنا عبد الله بن سليمان قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : إن إبراهيم يقول يوم القيامة : " رب والدي ، رب والدي " . فإذا كان الثالثة ، أخذ بيده ، فيلتفت إليه وهو ضبعان ، فيتبرأ منه .

17360 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور عن عبيد بن عمير قال : إنكم مجموعون يوم القيامة في صعيد واحد ، يسمعكم الداعي ، وينفذكم البصر . قال : فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وقع [ ص: 522 ] لركبتيه ترعد فرائصه . قال : فحسبته يقول : نفسي نفسي ، ويضرب الصراط على جهنم كحد السيف دحض مزلة ، وفي جانبيه ملائكة معهم خطاطيف كشوك السعدان . قال : فيمضون كالبرق ، وكالريح ، وكالطير ، وكأجاويد الركاب ، وكأجاويد الرجال . والملائكة يقولون : " رب سلم سلم " فناج سالم ومخدوش ناج ، ومكدوس في النار . يقول إبراهيم لأبيه : إني كنت آمرك في الدنيا فتعصيني ، ولست تاركك اليوم ، فخذ بحقوي . فيأخذ بضبعيه ، فيمسخ ضبعا ، فإذا رأه قد مسخ تبرأ منه . [ ص: 523 ] قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول الله - وهو خبره عن إبراهيم - أنه لما تبين له أن أباه لله عدو تبرأ منه ، وذلك حال علمه ويقينه أنه لله عدو ، وهو به مشرك ، وهو حال موته على شركه .

التالي السابق


الخدمات العلمية