صفحة جزء
القول في تأويل قوله : ( تلك آيات الكتاب الحكيم ( 1 ) )

قال أبو جعفر : اختلف في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : تلك آيات التوراة .

ذكر من قال ذلك :

17525 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان عن مجاهد : ( تلك آيات الكتاب الحكيم ) ، قال : التوراة والإنجيل .

17526 - . . . . قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة : ( تلك آيات الكتاب ) ، قال : الكتب التي كانت قبل القرآن .

وقال آخرون : معنى ذلك : هذه آيات القرآن .

قال أبو جعفر : وأولى التأويلين في ذلك بالصواب ، تأويل من تأوله : " هذه آيات القرآن " ووجه معنى ( تلك ) إلى معنى " هذه " وقد بينا وجه توجيه ( تلك ) إلى هذا المعنى في " سورة البقرة " بما أغنى عن إعادته .

و ( الآيات ) ، الأعلام و ( الكتاب ) ، اسم من أسماء القرآن ، وقد بينا كل ذلك فيما مضى قبل . [ ص: 12 ]

وإنما قلنا : هذا التأويل أولى في ذلك بالصواب ، لأنه لم يجئ للتوراة والإنجيل قبل ذكر ولا تلاوة بعد فيوجه إليه الخبر .

فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : والرحمن ؛ هذه آيات القرآن الحكيم .

ومعنى ( الحكيم ) ، في هذا الموضع ، " المحكم " ، صرف " مفعل " إلى " فعيل " كما قيل : ( عذاب أليم ) ، بمعنى مؤلم ، وكما قال الشاعر :

أمن ريحانة الداعي السميع

وقد بينا ذلك في غير موضع من الكتاب .

فمعناه إذا : تلك آيات الكتاب المحكم ، الذي أحكمه الله وبينه لعباده ، كما قال جل ثناؤه : ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) [ سورة هود : 1 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية