صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : أما كان عجبا للناس أن أوحينا إلى رجل منهم : أن أنذر الناس ، وأن بشر الذين آمنوا بالله ورسوله : ( أن لهم قدم صدق ) عطف على ( أنذر ) . [ ص: 14 ]

واختلف أهل التأويل في معنى قوله : ( قدم صدق ) ، فقال بعضهم : معناه : أن لهم أجرا حسنا بما قدموا من صالح الأعمال .

ذكر من قال ذلك :

17529 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا المحاربي عن جويبر عن الضحاك : ( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) ، قال : ثواب صدق .

17530 - . . . . قال : حدثنا عبد الله بن رجاء عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد : ( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) ، قال : الأعمال الصالحة .

17531 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) يقول : أجرا حسنا بما قدموا من أعمالهم .

17532 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يزيد بن حبان عن إبراهيم بن يزيد عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث عن مجاهد : ( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) ، قال : صلاتهم وصومهم ، وصدقتهم ، وتسبيحهم .

17533 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( قدم صدق ) ، قال : خير .

17534 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( قدم صدق ) ، مثله .

17535 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج [ ص: 15 ] عن ابن جريج عن مجاهد مثله .

17536 - . . . . قال : حدثني حجاج عن أبي جعفر عن الربيع بن أنس قال : ( قدم صدق ) ، ثواب صدق ( عند ربهم ) .

17537 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع مثله .

17538 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق ) ، قال : " القدم الصدق " ، ثواب الصدق بما قدموا من الأعمال .

وقال آخرون : معناه : أن لهم سابق صدق في اللوح المحفوظ من السعادة .

ذكر من قال ذلك :

17539 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي عن ابن عباس قوله : ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) ، يقول : سبقت لهم السعادة في الذكر الأول .

وقال آخرون : معنى ذلك أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم شفيع لهم ، قدم صدق .

ذكر من قال ذلك :

17540 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا يحيى بن آدم عن فضيل بن عمرو بن الجون ، عن قتادة أو الحسن : ( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) ، قال : محمد شفيع لهم .

17541 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة [ ص: 16 ] قوله : ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) : أي سلف صدق عند ربهم .

17542 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن الزبير عن ابن عيينة عن زيد بن أسلم في قوله : ( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) ، قال : محمد صلى الله عليه وسلم .

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب ، قول من قال : معناه : أن لهم أعمالا صالحة عند الله يستوجبون بها منه الثواب .

وذلك أنه محكي عن العرب : " هؤلاء أهل القدم في الإسلام " أي هؤلاء الذين قدموا فيه خيرا ، فكان لهم فيه تقديم . ويقال : " له عندي قدم صدق ، وقدم سوء " وذلك ما قدم إليه من خير أو شر ، ومنه قول حسان بن ثابت :


لنا القدم العليا إليك وخلفنا لأولنا في طاعة الله تابع



وقول ذي الرمة :


لكم قدم لا ينكر الناس أنها     مع الحسب العادي طمت على البحر



قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : وبشر الذين آمنوا أن لهم تقدمة خير من الأعمال الصالحة عند ربهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية