القول في تأويل قوله تعالى : ( 
فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ( 85 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول ، تعالى ذكره : فقال قوم يا 
موسى  لموسى   : ( 
على الله توكلنا  ) ، أي به وثقنا ، وإليه فوضنا أمرنا . 
وقوله : ( 
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) ، يقول جل ثناؤه مخبرا عن قوم 
موسى  أنهم دعوا ربهم فقالوا : يا ربنا لا تختبر هؤلاء القوم الكافرين ، ولا تمتحنهم بنا ! يعنون قوم 
فرعون   . 
وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي سألوه ربهم من إعاذته ابتلاء قوم 
فرعون  بهم .  
[ ص: 169 ] 
فقال بعضهم : سألوه أن لا يظهرهم عليهم ، فيظنوا أنهم خير منهم ، وأنهم إنما سلطوا عليهم لكرامتهم عليه وهوان الآخرين . 
ذكر من قال ذلك : 
17783 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن 
عمران بن حدير  عن 
أبي مجلز  في قوله : ( 
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) قال : لا يظهروا علينا ، فيروا أنهم خير منا . 
17784 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
الحجاج  قال : حدثنا 
حماد  عن 
عمران بن حدير  عن 
أبي مجلز  في قوله : ( 
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) قال : قالوا : لا تظهرهم علينا فيروا أنهم خير منا . 
17785 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن 
سفيان  عن أبيه ، عن 
أبي الضحى :   ( 
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) ، قال : لا تسلطهم علينا ، فيزدادوا فتنة . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تسلطهم علينا فيفتنونا . 
ذكر من قال ذلك : 
17786 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
ابن عيينة  عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد :   ( 
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) ، لا تسلطهم علينا فيفتنونا . 
17787 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
إسحاق  قال : حدثنا 
عبد الله بن الزبير  عن 
ابن عيينة  عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  في قوله : ( 
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) قال : لا تسلطهم علينا فيضلونا . 
17788 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  قال : أخبرنا 
ابن عيينة  عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد  ، مثله وقال أيضا : فيفتنونا . 
17789 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل  عن  
[ ص: 170 ] ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد :   ( 
لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) ، لا تعذبنا بأيدي قوم 
فرعون  ولا بعذاب من عندك ، فيقول قوم 
فرعون   : " لو كانوا على حق ما سلطنا عليهم ولا عذبوا " ، فيفتتنوا بنا . 
17790 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
مجاهد  قوله : ( 
لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) ، قال : لا تعذبنا بأيدي قوم 
فرعون  ولا بعذاب من عندك ، فيقول قوم 
فرعون   : " لو كانوا على حق ما سلطنا عليهم ولا عذبوا " ، فيفتتنوا بنا . 
17791 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
حكام  عن 
عنبسة  عن 
محمد بن عبد الرحمن  عن 
القاسم بن أبي بزة  عن 
مجاهد  قوله : ( 
لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) ، قال : لا تصبنا بعذاب من عندك ولا بأيديهم ، فيفتتنوا ويقولوا : " لو كانوا على حق ما سلطنا عليهم ولا عذبوا " . 
17792 - حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله : ( 
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين  ) ، لا تبتلنا ربنا فتجهدنا ، وتجعله فتنة لهم ، هذه الفتنة . وقرأ : ( 
فتنة للظالمين  ) ، [ سورة الصافات : 63 ] ، قال المشركون ، حين كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ويرمونهم ، أليس ذلك فتنة لهم وسوءا لهم ، وهي بلية للمؤمنين ؟ . 
قال 
أبو جعفر   : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن القوم رغبوا إلى الله في أن يجيرهم من أن يكونوا محنة لقوم 
فرعون  وبلاء ، وكل ما كان من أمر كان لهم مصدة عن اتباع 
موسى  والإقرار به ، وبما جاءهم به ، فإنه لا شك أنه كان لهم " فتنة " وكان من أعظم الأمور لهم إبعادا من الإيمان بالله ورسوله . وكذلك من المصدة كان لهم عن الإيمان : أن لو كان قوم 
موسى  عاجلتهم من الله محنة  
[ ص: 171 ] في أنفسهم ، من بلية تنزل بهم ، فاستعاذ القوم بالله من كل معنى يكون صادا لقوم 
فرعون  عن الإيمان بالله بأسبابهم .