صفحة جزء
[ ص: 185 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ( 89 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله عن إجابته لموسى صلى الله عليه وسلم وهارون دعاءهما على فرعون وأشراف قومه وأموالهم . يقول جل ثناؤه : ( قال ) الله لهما : ( قد أجيبت دعوتكما ) ، في فرعون وملئه وأموالهم .

فإن قال قائل : وكيف نسبت " الإجابة " إلى اثنين و " الدعاء " إنما كان من واحد ؟

قيل : إن الداعي وإن كان واحدا ، فإن الثاني كان مؤمنا ، وهو هارون فلذلك نسبت الإجابة إليهما ، لأن المؤمن داع . وكذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

17847 - حدثني محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان عن ابن جريج عن رجل عن عكرمة في قوله : ( قد أجيبت دعوتكما ) ، قال : كان موسى يدعو وهارون يؤمن ، فذلك قوله : ( قد أجيبت دعوتكما ) .

وقد زعم بعض أهل العربية ، أن العرب تخاطب الواحد خطاب الاثنين ، وأنشد في ذلك :


فقلت لصاحبي لا تعجلانا بنزع أصوله واجتز شيحا

[ ص: 186 ]

17848 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا زكريا بن عدي عن ابن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح قال : ( قد أجيبت دعوتكما ) قال : دعا موسى وأمن هارون .

17849 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي وزيد بن حباب عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال : دعا موسى وأمن هارون .

17850 - . . . . قال : حدثنا أبو معاوية عن شيخ له ، عن محمد بن كعب قال : دعا موسى وأمن هارون .

17851 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية قال : ( قد أجيبت دعوتكما ) ، قال : دعا موسى ، وأمن هارون .

17852 - قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد وعبد الله بن أبي جعفر عن أبي جعفر عن الربيع بن أنس قال : دعا موسى وأمن هارون فذلك قوله : ( قد أجيبت دعوتكما ) . [ ص: 187 ]

17853 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري عن رجل عن عكرمة في قوله : " قد أجيبت دعوتكما " قال : كان موسى يدعو وهارون يؤمن ، فذلك قوله : ( قد أجيبت دعوتكما ) .

17854 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج قال : قال ابن عباس : ( قد أجيبت دعوتكما ) لموسى وهارون قال ابن جريج : قال عكرمة : أمن هارون على دعاء موسى فقال الله : ( قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ) .

17855 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : كان هارون يقول : آمين ، فقال الله : ( قد أجيبت دعوتكما ) فصار التأمين دعوة صار شريكه فيها .

وأما قوله : ( فاستقيما ) ، فإنه أمر من الله تعالى لموسى وهارون بالاستقامة والثبات على أمرهما ، من دعاء فرعون وقومه إلى الإجابة إلى توحيد الله وطاعته إلى أن يأتيهم عقاب الله الذي أخبرهما أنه أجابهما فيه ، كما :

17856 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج قال ابن عباس : ( فاستقيما ) : فامضيا لأمري ، وهي الاستقامة قال ابن جريج : يقولون : إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة .

وقوله : ( ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ) ، يقول : ولا تسلكان طريق [ ص: 188 ] الذين يجهلون حقيقة وعدي ، فتستعجلان قضائي ، فإن وعدي لا خلف له ، وإن وعيدي نازل بفرعون وعذابي واقع به وبقومه .

التالي السابق


الخدمات العلمية