القول في تأويل قوله تعالى : ( 
فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون  ( 92 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره 
لفرعون   : اليوم نجعلك على نجوة من الأرض ببدنك ، ينظر إليك هالكا من كذب بهلاكك ( 
لتكون لمن خلفك آية  ) ، يقول : لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك ، فينزجرون عن معصية الله ، والكفر به والسعي في أرضه بالفساد .  
[ ص: 195 ] 
و " النجوة " الموضع المرتفع على ما حوله من الأرض ، ومنه قول 
أوس بن حجر   : 
فمن بعقوته كمن بنجوته والمستكن كمن يمشي بقرواح 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
17868 - حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا 
المعتمر بن سليمان  عن أبيه ، عن 
أبي السليل  عن 
قيس بن عباد  وغيره قال : قالت 
بنو إسرائيل  لموسى   : إنه لم يمت 
فرعون   ! قال : فأخرجه الله إليهم ينظرون إليه مثل الثور الأحمر . 
17869 - حدثني 
يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية  عن 
سعيد  الجريري  عن 
أبي السليل  عن 
قيس بن عباد  قال وكان من أكثر الناس ، أو أحدث الناس عن 
بنى إسرائيل  قال : فحدثنا أن أول جنود 
فرعون  لما انتهى إلى البحر ، هابت الخيل اللهب . 
قال : ومثل لحصان منها فرس وديق ، فوجد ريحها أحسبه أنا قال : فانسل فاتبعته . قال : فلما تتام آخر جنود
فرعون  في البحر ، وخرج آخر 
بني إسرائيل  ، أمر البحر فانطبق عليهم ، فقالت 
بنو إسرائيل   : ما مات 
فرعون  وما كان ليموت أبدا! فسمع الله تكذيبهم نبيه ، قال :  
[ ص: 196 ] فرمى به على الساحل كأنه ثور أحمر ، يتراءاه 
بنو إسرائيل   . 
17870 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح  قال : حدثنا 
موسى بن عبيدة  عن 
محمد بن كعب  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد   : ( 
فاليوم ننجيك ببدنك  ) ، قال : " بدنه " ، جسده ، رمى به البحر . 
17871 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل  عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد  عن 
مجاهد :   ( 
فاليوم ننجيك ببدنك  ) قال : بجسدك . 
17872 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
إسحاق  قال : حدثنا 
عبد الله  عن 
ورقاء  عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد  مثله . 
17873 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثنا 
حجاج  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
مجاهد  مثله . 
17874 - حدثنا 
تميم بن المنتصر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
الأصبغ بن زيد  عن 
القاسم بن أبي أيوب  قال : حدثني 
سعيد بن جبير  عن 
ابن عباس  قال : لما جاوز موسى البحر بجميع من معه ، التقى البحر عليهم يعني على 
فرعون  وقومه فأغرقهم ، فقال أصحاب 
موسى   : إنا نخاف أن لا يكون 
فرعون  غرق ، ولا نؤمن بهلاكه! فدعا ربه فأخرجه فنبذه البحر ، حتى استيقنوا بهلاكه . 
17875 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  عن 
قتادة   : ( 
فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية  ) ، يقول : أنكر ذلك طوائف من 
بني إسرائيل  فقذفه الله على ساحل البحر ينظرون إليه . 
17876 - حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا 
محمد بن ثور  عن 
معمر  عن 
قتادة   : ( 
لتكون لمن خلفك آية  ) ، قال : لما أغرق الله 
فرعون  لم تصدق طائفة من الناس بذلك ، فأخرجه الله آية وعظة . 
17877 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  قال : أخبرنا  
[ ص: 197 ] ابن التيمي  عن أبيه ، عن 
أبي السليل  ، عن 
قيس بن عباد  أو غيره ، بنحو حديث 
ابن عبد الأعلى  عن 
معمر .  
17878 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
عبد الله بن رجاء  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
عبد الله بن كثير  عن 
مجاهد :   ( 
فاليوم ننجيك ببدنك  ) ، قال : بجسدك . 
17879 - قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13853محمد بن بكر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : بلغني عن 
مجاهد :   ( 
فاليوم ننجيك ببدنك  ) ، قال : بجسدك . 
17880 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : كذب بعض 
بني إسرائيل  بموت 
فرعون  فرمى به على ساحل البحر ليراه 
بنو إسرائيل ،  قال : أحمر كأنه ثور  . 
وقال آخرون : تنجو بجسدك من البحر ، فنخرجه منه . 
ذكر من قال ذلك : 
17881 - حدثني 
محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله : ( 
فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية  ) ، يقول : أنجى الله 
فرعون  لبني إسرائيل  من البحر ، فنظروا إليه بعد ما غرق . 
فإن قال قائل : وما وجه قوله : ( ببدنك ) ؟ وهل يجوز أن ينجيه بغير بدنه ، فيحتاج الكلام إلى أن يقال فيه ( ببدنك ) ؟ 
قيل : كان جائزا أن ينجيه بهيئته حيا كما دخل البحر . فلما كان جائزا  
[ ص: 198 ] ذلك قيل : ( 
فاليوم ننجيك ببدنك  ) ، ليعلم أنه ينجيه بالبدن بغير روح ، ولكن ميتا . 
وقوله : ( 
وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون  ) 
، يقول ، تعالى ذكره : ( 
وإن كثيرا من الناس عن آياتنا  ) ، يعني : عن حججنا وأدلتنا على أن العبادة والألوهة لنا خالصة ( لغافلون ) ، يقول : لساهون ، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها .