صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك )

قال أبو جعفر : يعني بذلك كفار بني إسرائيل ، وهم - فيما ذكر - بنو أخي المقتول ، فقال لهم : " ثم قست قلوبكم " : أي جفت وغلظت وعست ، كما قال الراجز :


وقد قسوت وقسا لداتي

يقال : " قسا " و " عسا " و " عتا " بمعنى واحد ، وذلك إذا جفا وغلظ وصلب . يقال : منه : قسا قلبه يقسو قسوا وقسوة وقساوة وقساء .

ويعني بقوله : ( من بعد ذلك ) ، من بعد أن أحيا المقتول لهم الذي - ادارءوا [ ص: 234 ] في قتله ، فأخبرهم بقاتله ، وبالسبب الذي من أجله قتله ، كما قد وصفنا قبل على ما جاءت الآثار والأخبار - وفصل الله تعالى ذكره بخبره بين المحق منهم والمبطل . وكانت قساوة قلوبهم التي وصفهم الله بها ، أنهم - فيما بلغنا - أنكروا أن يكونوا هم قتلوا القتيل الذي أحياه الله ، فأخبر بني إسرائيل بأنهم كانوا قتلته ، بعد إخباره إياهم بذلك ، وبعد ميتته الثانية ، كما : -

1314 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : لما ضرب المقتول ببعضها - يعني ببعض البقرة - جلس حيا ، فقيل له : من قتلك ؟ فقال : بنو أخي قتلوني . ثم قبض فقال بنو أخيه حين قبض : والله ما قتلناه ! فكذبوا بالحق بعد إذ رأوه ، فقال الله : ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك ) - يعني بني أخي الشيخ - ( فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) .

1315 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك ) ، يقول : من بعد ما أراهم الله من إحياء الموتى ، وبعد ما أراهم من أمر القتيل - ما أراهم ، " فهي كالحجارة أو أشد قسوة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية