صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به )

قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، قد بين له دينه فتبينه ( ويتلوه شاهد منه ) .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : يعني بقوله : ( أفمن كان على بينة من ربه ) محمدا صلى الله عليه وسلم . [ ص: 270 ]

ذكر من قال ذلك :

18030 - حدثني محمد بن خلف قال : حدثنا حسين بن محمد قال : حدثنا شيبان عن قتادة عن عروة عن محمد ابن الحنفية قال : قلت لأبي : يا أبت ، أنت التالي في ( ويتلوه شاهد منه ) ؟ قال : لا والله يا بني ! وددت أني كنت أنا هو ، ولكنه لسانه

18031 - حدثني يعقوب وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية عن أبي رجاء عن الحسن : ( ويتلوه شاهد منه ) قال : لسانه .

18032 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن في قوله : ( ويتلوه شاهد منه ) قال : لسانه .

18033 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا الحكم بن عبد الله أبو النعمان العجلي قال : حدثنا شعبة عن أبي رجاء عن الحسن مثله .

18034 - حدثني علي بن الحسن الأزدي قال : حدثنا المعافى بن عمران عن قرة بن خالد عن الحسن مثله .

18035 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، وهو محمد كان على بينة من ربه .

18036 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن قوله : ( ويتلوه شاهد منه ) قال : لسانه .

18037 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : لسانه هو الشاهد .

18038 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن أبي رجاء عن الحسن مثله . [ ص: 271 ]

18039 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا غندر عن عوف عن الحسن مثله .

وقال آخرون : يعني بقوله : ( ويتلوه شاهد منه ) ، محمدا صلى الله عليه وسلم .

ذكر من قال ذلك :

18040 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي عن عوف عن سليمان العلاف عن الحسين بن علي في قوله : ( ويتلوه شاهد منه ) قال : الشاهد محمد ، صلى الله عليه وسلم .

18041 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا غندر عن عوف قال : حدثني سليمان العلاف قال : بلغني أن الحسن بن علي قال : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : محمد صلى الله عليه وسلم .

18042 - . . . . قال : حدثنا أبو أسامة عن عوف عن سليمان العلاف سمع الحسن بن علي : ( ويتلوه شاهد منه ) ، يقول : محمد هو الشاهد من الله .

18043 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ) ، قال : [ ص: 272 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان على بينة من ربه ، والقرآن يتلوه شاهد أيضا من الله ، بأنه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .

18044 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير عن ليث عن مجاهد : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، قال : النبي ، صلى الله عليه وسلم .

18045 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن نضر بن عربي عن عكرمة مثله .

18046 - . . . . قال : حدثنا أبي ، عن سفيان عن منصور عن إبراهيم مثله .

18047 - حدثنا الحارث قال : حدثنا أبو خالد سمعت سفيان يقول : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، قال : محمد ، صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : هو علي بن أبي طالب .

ذكر من قال ذلك :

18048 - حدثنا محمد بن عمارة الأسدي قال : حدثنا رزيق بن مرزوق قال : حدثنا صباح الفراء عن جابر عن عبد الله بن نجي قال : قال علي رضي الله عنه : ما من رجل من قريش إلا وقد نزلت فيه الآية والآيتان . فقال له رجل : فأنت فأي شيء نزل فيك ؟ فقال علي : أما تقرأ الآية التي نزلت في هود : ( ويتلوه شاهد منه ) . [ ص: 273 ]

وقال آخرون : هو جبريل .

ذكر من قال ذلك :

18049 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس : ( ويتلوه شاهد منه ) أنه كان يقول : جبريل .

18050 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا ابن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : جبريل .

18051 - وحدثنا به أبو كريب مرة أخرى ، بإسناده عن إبراهيم فقال : قال : يقولون : " علي " ، إنما هو جبريل .

18052 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا ابن إدريس عن ليث عن مجاهد قال : هو جبريل ، تلا التوراة والإنجيل والقرآن ، وهو الشاهد من الله .

18053 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان وحدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، قال : حدثنا جعفر بن عون قال : حدثنا سفيان وحدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري وحدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم : ( ويتلوه شاهد منه ) قال : جبريل .

18054 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم مثله . [ ص: 274 ]

18055 - . . . . قال : حدثنا سهل بن يوسف قال : حدثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم مثله .

18056 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم مثله .

18057 - . . . . قال : حدثنا جرير عن ليث عن مجاهد قال : جبريل .

18058 - . . . . قال : حدثنا عبد الله عن إسرائيل عن السدي عن أبي صالح : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : جبريل .

18059 - . . . . قال : حدثنا أبو معاوية عن جويبر عن الضحاك : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : جبريل

18060 - . . . . حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، يعني محمدا هو على بينة من الله ( ويتلوه شاهد منه ) ، جبريل ، شاهد من الله ، يتلو على محمد ما بعث به .

18061 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية قال : هو جبريل

18062 - . . . . قال : حدثنا أبي ، عن نضر بن عربي عن عكرمة قال : هو جبريل .

18063 - . . . . قال : حدثنا أبي ، عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال : جبريل .

18064 - . . . . حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، يعني محمدا ، على بينة من ربه ( ويتلوه شاهد منه ) ، فهو [ ص: 275 ] جبريل ، شاهد من الله بالذي يتلو من كتاب الله الذي أنزل على محمد قال : ويقال : ( ويتلوه شاهد منه ) ، يقول : يحفظه الملك الذي معه .

18065 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو النعمان عارم قال : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال : كان مجاهد يقول في قوله : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، قال : يعني محمدا ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : جبريل .

وقالا آخرون : هو ملك يحفظه .

ذكر من قال ذلك :

18066 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : معه حافظ من الله ، ملك .

18067 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يزيد بن هارون وسويد بن عمرو عن حماد بن سلمة عن أيوب عن مجاهد : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : ملك يحفظه .

18068 - . . . . قال : حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج عمن سمع مجاهدا : ( ويتلوه شاهد منه ) قال : الملك .

18069 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( ويتلوه شاهد منه ) ، يتبعه حافظ من الله ، ملك .

18070 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد عن أيوب عن مجاهد : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قال : الملك يحفظه : ( يتلونه حق تلاوته ) [ سورة البقرة : 121 ] قال : يتبعونه حق اتباعه .

18071 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد : ( ويتلوه شاهد منه ) قال : حافظ من الله ، ملك . [ ص: 276 ]

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصواب في تأويل قوله : ( ويتلوه شاهد منه ) ، قول من قال : " هو جبريل " لدلالة قوله : ( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ) ، على صحة ذلك . وذلك أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتل قبل القرآن كتاب موسى ، فيكون ذلك دليلا على صحة قول من قال : " عني به لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - أو : محمد نفسه ، أو : علي " على قول من قال : " عني به علي " . ولا يعلم أن أحدا كان تلا ذلك قبل القرآن ، أو جاء به ، ممن ذكر أهل التأويل أنه عني بقوله : ( ويتلوه شاهد منه ) ، غير جبريل عليه السلام .

فإن قال قائل : فإن كان ذلك دليلك على أن المعني به جبريل ، فقد يجب أن تكون القراءة في قوله : ( ومن قبله كتاب موسى ) بالنصب ، لأن معنى الكلام على ما تأولت يجب أن يكون : ويتلو القرآن شاهد من الله ، ومن قبل القرآن كتابموسى .

قيل : إن القراء في الأمصار قد أجمعت على قراءة ذلك بالرفع فلم يكن لأحد خلافها ، ولو كانت القراءة جاءت في ذلك بالنصب ، كانت قراءة صحيحة ومعنى صحيحا .

فإن قال : فما وجه رفعهم إذا " الكتاب " على ما ادعيت من التأويل ؟

قيل : وجه رفعهم هذا أنهم ابتدءوا الخبر عن مجيء كتاب موسى قبل كتابنا المنزل على محمد فرفعوه ب " من " [ ومنه ] ، والقراءة كذلك ، والمعنى الذي ذكرت من معنى تلاوة جبريل ذلك قبل القرآن ، وأن المراد من معناه ذلك ، [ ص: 277 ] وإن كان الخبر مستأنفا على ما وصفت ، اكتفاء بدلالة الكلام على معناه .

وأما قوله : ( إماما ) فإنه نصب على القطع من " كتاب موسى " ، وقوله ( ورحمة ) ، عطف على " الإمام " . كأنه قيل : ومن قبله كتاب موسى إماما لبني إسرائيل يأتمون به ، ورحمة من الله تلاه على موسى كما :

18072 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن منصور عن إبراهيم في قوله : ( ومن قبله كتاب موسى ) ، قال : من قبله جاء بالكتاب إلى موسى .

وفي الكلام محذوف قد ترك ذكره اكتفاء بدلالة ما ذكر عليه منه ، وهو : ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ) " كمن هو في الضلالة متردد لا يهتدي لرشد ، ولا يعرف حقا من باطل ، ولا يطلب بعمله إلا الحياة الدنيا وزينتها " . وذلك نظير قوله : ( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) [ سورة الزمر : 9 ] والدليل على حقيقة ما قلنا في ذلك أن ذلك عقيب قوله : ( من كان يريد الحياة الدنيا ) ، الآية ، ثم قيل : أهذا خير ، أم من كان على بينة من ربه ؟ والعرب تفعل ذلك كثيرا إذا كان فيما ذكرت دلالة على مرادها على ما حذفت ، وذلك كقول الشاعر :


وأقسم لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا

[ ص: 278 ]

وقوله : ( أولئك يؤمنون به ) ، يقول : هؤلاء الذين ذكرت يصدقون ويقرون به ، إن كفر به هؤلاء المشركون الذين يقولون : إن محمدا افتراه .

التالي السابق


الخدمات العلمية