صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ( 17 ) )

قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : ومن يكفر بهذا القرآن ، فيجحد أنه من عند الله ( من الأحزاب ) وهم المتحزبة على مللهم ( فالنار موعده ) ، أنه يصير إليها في الآخرة بتكذيبه . يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : [ ص: 279 ] ( فلا تك في مرية منه ) ، يقول : فلا تك في شك منه ، من أن موعد من كفر بالقرآن من الأحزاب النار ، وأن هذا القرآن الذي أنزلناه إليك من عند الله .

ثم ابتدأ جل ثناؤه الخبر عن القرآن فقال : إن هذا القرآن الذي أنزلناه إليك ، يا محمد الحق من ربك لا شك فيه ، ولكن أكثر الناس لا يصدقون بأن ذلك كذلك .

فإن قال قائل : أوكان النبي صلى الله عليه وسلم في شك من أن القرآن من عند الله ، وأنه حق ، حتى قيل له : " فلا تك في مرية منه " ؟

قيل : هذا نظير قوله : ( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ) [ سورة يونس : 94 ] ، وقد بينا ذلك هنالك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

18073 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا أيوب قال : نبئت أن سعيد بن جبير قال : ما بلغني حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله تعالى ، حتى قال " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار " . قال سعيد فقلت : أين هذا في كتاب الله ؟ حتى أتيت على هذه الآية : ( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) ، قال : من أهل الملل كلها .

18074 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي وابن وكيع قالا حدثنا جعفر بن عون قال : حدثنا سفيان عن أيوب عن سعيد بن جبير في قوله : [ ص: 280 ] ( ومن يكفر به من الأحزاب ) ، قال : من الملل كلها .

18075 - حدثني يعقوب وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية قال : حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير قال : كنت لا أسمع بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه ، إلا وجدت مصداقه أو قال تصديقه في القرآن ، فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار " ، فجعلت أقول : أين مصداقها ؟ حتى أتيت على هذه : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، إلى قوله : ( فالنار موعده ) ، قال : فالأحزاب ، الملل كلها .

18076 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال : حدثني أيوب عن سعيد بن جبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، فلا يؤمن بي إلا دخل النار " ، فجعلت أقول : أين مصداقها في كتاب الله ؟ قال : وقلما سمعت حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وجدت له تصديقا في القرآن ، حتى وجدت هذه الآيات : ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) ، الملل كلها .

18077 - . . . . قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) ، قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر .

18078 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : ( ومن الأحزاب من ينكر بعضه ) ، [ سورة الرعد : 36 ] ، أي : [ ص: 281 ] يكفر ببعضه ، وهم اليهود والنصارى . قال : بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، ثم يموت قبل أن يؤمن بي ، إلا دخل النار " .

18079 - حدثني المثنى قال : حدثنا يوسف بن عدي النضري قال : أخبرنا ابن المبارك عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني ، فلم يؤمن بي لم يدخل الجنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية