القول في تأويل قوله تعالى : ( 
قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين  ( 33 ) 
ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون  ( 34 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : قال 
نوح  لقومه حين استعجلوه العذاب : يا قوم ، ليس الذي تستعجلون من العذاب إلي ، إنما ذلك إلى الله لا إلى غيره ، هو الذي يأتيكم به إن شاء ( 
وما أنتم بمعجزين  ) يقول : ولستم إذا أراد  
[ ص: 305 ] تعذيبكم بمعجزيه ، أي بفائتيه هربا منه ، لأنكم حيث كنتم في ملكه وسلطانه وقدرته ، حكمه عليكم جار ( 
ولا ينفعكم نصحي  ) ، يقول : ولا ينفعكم تحذيري عقوبته ، ونزول سطوته بكم على كفركم به ( 
إن أردت أن أنصح لكم  ) ، في تحذيري إياكم ذلك ، لأن نصحي لا ينفعكم ، لأنكم لا تقبلونه . ( 
إن كان الله يريد أن يغويكم  ) ، يقول : إن كان الله يريد أن يهلككم بعذابه ( 
هو ربكم وإليه ترجعون  ) ، يقول : وإليه تردون بعد الهلاك . 
حكي عن 
طيئ  أنها تقول : "أصبح فلان غاويا" : أي مريضا . 
وحكي عن غيرهم سماعا منهم : "أغويت فلانا" ، بمعنى أهلكته و"غوي الفصيل" ، إذا فقد اللبن فمات . 
وذكر أن قول الله : ( 
فسوف يلقون غيا  ) ، [ سورة مريم : 59 ] ، أي هلاكا .