القول في تأويل 
قوله تعالى : ( ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب  ( 77 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : ولما جاءت ملائكتنا 
لوطا ،  ساءه مجيئهم وهو "فعل" من "السوء" ( 
وضاق بهم  ) ، بمجيئهم ( ذرعا ) ، يقول : وضاقت نفسه غما بمجيئهم . وذلك أنه لم يكن يعلم أنهم رسل الله في حال ما ساءه مجيئهم ، وعلم من قومه ما هم عليه من إتيانهم الفاحشة ، وخاف عليهم ، فضاق من أجل ذلك بمجيئهم ذرعا ، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن أضيافه ، ولذلك قال : ( 
هذا يوم عصيب  ) .  
[ ص: 408 ] 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل 
ذكر من قال ذلك : 
18350 - حدثني 
المثنى  قال ، حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال ، حدثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس  قوله : ( 
ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا  ) ، يقول : ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا بأضيافه . 
18351 - حدثنا 
بشر  قال ، حدثنا 
يزيد  قال ، حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  عن 
حذيفة  أنه قال : لما جاءت الرسل 
لوطا  أتوه وهو في أرض له يعمل فيها ، وقد قيل لهم ، والله أعلم : لا تهلكوهم حتى يشهد 
لوط   . قال : فأتوه فقالوا : إنا متضيفوك الليلة ، فانطلق بهم ، فلما مضى ساعة التفت فقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ والله ما أعلم على ظهر الأرض أناسا أخبث منهم ! قال : فمضى معهم . ثم قال الثانية مثل ما قال ، فانطلق بهم . فلما بصرت بهم عجوز السوء امرأته ، انطلقت فأنذرتهم . 
18352 - حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى  قال ، حدثنا 
محمد بن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة  قال ، قال 
حذيفة ،  فذكر نحوه . 
18353 - حدثنا 
ابن حميد  قال ، حدثنا 
الحكم بن بشير  قال ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16717عمرو بن قيس الملائي ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15991سعيد بن بشير ،  عن 
قتادة ،  قال : أتت الملائكة 
لوطا  وهو في مزرعة له ، وقال الله للملائكة : إن شهد 
لوط  عليهم أربع شهادات فقد أذنت لكم في هلكتهم . فقالوا : يا 
لوط  ، إنا نريد أن نضيفك الليلة . فقال : وما بلغكم من أمرهم؟ قالوا : وما أمرهم؟ قال : أشهد بالله إنها لشر قرية في الأرض عملا ! يقول ذلك أربع مرات ، فشهد عليهم 
لوط  أربع شهادات ، فدخلوا معه منزله . 
18354 - حدثني 
موسى بن هارون  قال ، حدثنا 
عمرو بن حماد  قال ،  
[ ص: 409 ] حدثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  قال ، خرجت الملائكة من عند 
إبراهيم  نحو قرية 
لوط ،  فأتوها نصف النهار ، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها ، وكانت له ابنتان ، اسم الكبرى " 
ريثا   " ، والصغرى " 
زغرتا   " ، فقالوا لها : يا جارية ، هل من منزل؟ قالت : نعم ، فمكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم ! فرقت عليهم من قومها . فأتت أباها فقالت : يا أبتاه أرادك فتيان على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم أحسن منهم ، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم ! وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا فقالوا : خل عنا فلنضف الرجال ! فجاء بهم ، فلم يعلم أحد إلا أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، قالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط ! فجاءه قومه يهرعون إليه . 
18355 - حدثنا 
ابن حميد  قال ، حدثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق ،  قال : خرجت الرسل فيما يزعم أهل التوراة من عند 
إبراهيم  إلى 
لوط  بالمؤتفكة ، فلما جاءت الرسل 
لوطا  سيء بهم وضاق بهم ذرعا ، وذلك من تخوف قومه عليهم أن يفضحوه في ضيفه ، فقال : ( 
هذا يوم عصيب  ) . 
وأما قوله : ( 
وقال هذا يوم عصيب  ) ، فإنه يقول : وقال 
لوط   : هذا اليوم يوم شديد شره ، عظيم بلاؤه ، يقال منه : عصب يومنا هذا يعصب عصبا ، ومنه قول 
عدي بن زيد   : 
وكنت لزاز خصمك لم أعرد وقد سلكوك في يوم عصيب 
 [ ص: 410 ] 
وقول الراجز : 
يوم عصيب يعصب الأبطالا     عصب القوي السلم الطوالا 
وقول الآخر : 
وإنك إن لا ترض بكر بن وائل      يكن لك يوم بالعراق  عصيب 
وقال 
كعب بن جعيل   : 
وملبون بالحضيض فئام     عارفات منه بيوم عصيب 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك :  
[ ص: 411 ] 
18356 - حدثنا 
أبو حذيفة  قال ، حدثنا 
شبل ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   : ( عصيب ) ، : شديد 
18357 - حدثنا 
بشر  قال ، حدثنا 
يزيد  قال ، حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قال : ( 
هذا يوم عصيب  ) ، يقول شديد . 
18358 - حدثنا 
ابن حميد  قال ، حدثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق  قال : ( 
هذا يوم عصيب  ) ، أي يوم بلاء وشدة . 
18359 - حدثنا 
ابن عبد الأعلى  قال ، حدثنا 
محمد بن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة   : ( 
يوم عصيب  ) ، شديد . 
18360 - حدثني 
علي  قال ، حدثنا 
عبد الله  قال ، حدثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس ،  قوله : ( 
وقال هذا يوم عصيب  ) ، أي : يوم شديد .