القول في 
تأويل قوله تعالى : ( ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون  ( 49 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : وهذا خبر من 
يوسف  عليه السلام للقوم عما لم يكن في رؤيا ملكهم ، ولكنه من علم الغيب الذي آتاه الله دلالة على نبوته وحجة على صدقه ، كما : - 
19377 - حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا 
محمد بن ثور  ، عن 
معمر  ، عن 
قتادة  قال : ثم زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها ، فقال : ( 
ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون  )  . 
ويعني بقوله : ( 
فيه يغاث الناس  ) ، بالمطر والغيث . 
وبنحو ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك :  
[ ص: 129 ] 
19378 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  ، عن 
قتادة  ، قوله : ( 
ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس  ) ، قال : فيه يغاثون بالمطر . 
19379 - حدثنا 
الحسن بن محمد  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15471محمد بن يزيد الواسطي  ، عن 
جويبر  ، عن 
الضحاك   : ( 
فيه يغاث الناس  ) ، قال : بالمطر  . 
19380 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال ، قال 
ابن عباس   : ( 
ثم يأتي من بعد ذلك عام  ) ، قال : أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه ، وكان الله قد علمه إياه ، ( 
عام فيه يغاث الناس  ) ، بالمطر  . 
19381 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد   : ( 
فيه يغاث الناس  ) ، بالمطر . 
وأما قوله : ( 
وفيه يعصرون  ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله . 
فقال بعضهم : معناه : وفيه يعصرون العنب والسمسم وما أشبه ذلك . 
ذكر من قال ذلك : 
19382 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
عبد الله  قال ، حدثني 
معاوية  ، عن 
علي  ، عن 
ابن عباس   : ( 
وفيه يعصرون  ) ، قال : الأعناب والدهن . 
19383 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال قال 
ابن عباس   : ( 
وفيه يعصرون  ) ، السمسم دهنا ، والعنب خمرا ، والزيتون زيتا  . 
19384 - حدثني 
محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  ، قوله : ( 
عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون  ) ، يقول : يصيبهم غيث ، فيعصرون فيه العنب ، ويعصرون فيه الزيت ، ويعصرون من كل الثمرات . 
19385 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل  ، عن  
[ ص: 130 ] ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد   : ( 
وفيه يعصرون  ) ، قال : يعصرون أعنابهم . 
19386 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
عمرو بن محمد  ، عن 
أسباط  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : ( 
وفيه يعصرون  ) ، قال : العنب . 
19387 - حدثنا 
الحسن بن محمد  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15471محمد بن يزيد الواسطي  ، عن 
جويبر  ، عن 
الضحاك   : ( 
وفيه يعصرون  ) ، قال : الزيت  . 
19388 - حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا 
محمد بن ثور  عن 
معمر  عن 
قتادة   : " 
وفيه يعصرون  " قال : كانوا يعصرون الأعناب والثمرات  . 
19389 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  ، عن 
قتادة   : ( 
وفيه يعصرون  ) ، قال : يعصرون الأعناب والزيتون والثمار من الخصب . هذا علم آتاه الله 
يوسف  لم يسأل عنه  . 
وقال آخرون : معنى قوله : ( 
وفيه يعصرون  ) ، وفيه يحلبون . 
ذكر من قال ذلك : 
19390 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
فضالة  ، عن 
علي بن أبي طلحة  ، عن 
ابن عباس   : ( 
وفيه يعصرون  ) ، قال : فيه يحلبون  . 
19391 - حدثني 
المثنى  قال : أخبرنا 
إسحاق  قال ، حدثنا 
عبد الرحمن بن أبي حماد  قال : حدثنا 
الفرج بن فضالة  ، عن 
علي بن أبي طلحة  قال : كان 
ابن عباس  يقرأ : " وفيه تعصرون " بالتاء ، يعني : تحتلبون  . 
واختلفت القرأة في قراءة ذلك . 
فقرأه بعض قرأة 
أهل المدينة   والبصرة  والكوفة   : ( 
وفيه يعصرون  ) ، بالياء ، بمعنى ما وصفت ، من قول من قال : عصر الأعناب والأدهان . 
وقرأ ذلك عامة قرأة 
الكوفيين   : " وفيه تعصرون " ، بالتاء .  
[ ص: 131 ] 
وقرأ بعضهم : " وفيه يعصرون " ، بمعنى : يمطرون . 
وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها ، لخلافها ما عليه قرأة الأمصار . 
قال 
أبو جعفر   : والصواب من القراءة في ذلك أن لقارئه الخيار في قراءته بأي القراءتين الأخريين شاء ، إن شاء بالياء ، ردا على الخبر به عن " الناس " ، على معنى : فيه يغاث الناس وفيه يعصرون أعنابهم وأدهانهم وإن شاء بالتاء ، ردا على قوله : ( 
إلا قليلا مما تحصنون  ) ، وخطابا به لمن خاطبه بقوله : ( 
يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون  ) لأنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار باتفاق المعنى ، وإن اختلفت الألفاظ بهما . وذلك أن المخاطبين بذلك كان لا شك أنهم إذا أغيثوا وعصروا ، أغيث الناس الذين كانوا بناحيتهم وعصروا . وكذلك كانوا إذا أغيث الناس بناحيتهم وعصروا ، أغيث المخاطبون وعصروا ، فهما متفقتا المعنى ، وإن اختلفت الألفاظ بقراءة ذلك . 
وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل ، ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب ، يوجه معنى قوله : ( 
وفيه يعصرون  ) إلى : وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث ، ويزعم أنه من " العصر " و " العصرة " التي بمعنى المنجاة ، من قول 
أبي زبيد الطائي   : 
صاديا يستغيث غير مغاث ولقد كان عصرة المنجود 
 [ ص: 132 ] 
أي المقهور . ومن قول 
لبيد   : 
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم     وما كان وقافا بغير معصر 
وذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئه خلافه قول جميع أهل العلم من الصحابة والتابعين . 
وأما القول الذي روى 
الفرج بن فضالة ،  عن 
علي بن أبي طلحة  ، فقول لا معنى له ، لأنه خلاف المعروف من كلام العرب ، وخلاف ما يعرف من قول 
ابن عباس   .