صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون ( 61 ) وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون ( 62 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال إخوة يوسف ليوسف إذ قال لهم : ( ائتوني بأخ لكم من أبيكم ) : ( قالوا سنراود عنه أباه ) ، ونسأله أن يخليه معنا حتى نجيء به إليك ( وإنا لفاعلون ) يعنون بذلك : وإنا لفاعلون ما قلنا لك إنا نفعله من مراودة أبينا عن أخينا منه ولنجتهدن كما : -

19469 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وإنا لفاعلون ) ، لنجتهدن .

وقوله : ( وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم ) ، يقول تعالى ذكره : وقال يوسف " لفتيانه " ، وهم غلمانه ، كما : -

19470 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وقال لفتيانه ) ، أي : لغلمانه .

( اجعلوا بضاعتهم في رحالهم ) ، يقول : اجعلوا أثمان الطعام التي أخذتموها منهم " في رحالهم " . [ ص: 157 ]

و " الرحال " ، جمع " رحل " ، وذلك جمع الكثير ، فأما القليل من الجمع منه فهو : " أرحل " ، وذلك جمع ما بين الثلاثة إلى العشرة .

وبنحو الذي قلنا في معنى " البضاعة " ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19471 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد ، قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( اجعلوا بضاعتهم في رحالهم ) : أي : أوراقهم

19472 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثم أمر ببضاعتهم التي أعطاهم بها ما أعطاهم من الطعام ، فجعلت في رحالهم وهم لا يعلمون .

19473 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال : وقال لفتيته وهو يكيل لهم : " اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون " إلي .

فإن قال قائل : ولأية علة أمر يوسف فتيانه أن يجعلوا بضاعة إخوته في رحالهم؟

قيل : يحتمل ذلك أوجها :

أحدها : أن يكون خشي أن لا يكون عند أبيه دراهم ، إذ كانت السنة سنة جدب وقحط ، فيضر أخذ ذلك منهم به ، وأحب أن يرجع إليه .

أو : أراد أن يتسع بها أبوه وإخوته ، مع [ قلة ] حاجتهم إليه ، فرده عليهم من حيث لا يعلمون سبب رده ، تكرما وتفضلا . [ ص: 158 ]

والثالث : وهو أن يكون أراد بذلك أن لا يخلفوه الوعد في الرجوع ، إذا وجدوا في رحالهم ثمن طعام قد قبضوه وملكه عليهم غيرهم ، عوضا من طعامه ، ويتحرجوا من إمساكهم ثمن طعام قد قبضوه حتى يؤدوه على صاحبه ، فيكون ذلك أدعى لهم إلى العود إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية