1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة يوسف
  4. القول في تأويل قوله تعالى " فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر "
صفحة جزء
[ ص: 234 ] [ القول في تأويل قوله تعالى : ( فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ( 88 ) )

قال أبو جعفر : وفي الكلام متروك قد استغني بذكر ما ظهر عما حذف ، وذلك : فخرجوا راجعين إلى مصر حتى صاروا إليها ، فدخلوا على يوسف ( فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر ) ، أي الشدة من الجدب والقحط ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) . كما : -

19740 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : وخرجوا إلى مصر راجعين إليها ( ببضاعة مزجاة ) : أي قليلة ، لا تبلغ ما كانوا يتبايعون به ، إلا أن يتجاوز لهم فيها ، وقد رأوا ما نزل بأبيهم ، وتتابع البلاء عليه في ولده وبصره ، حتى قدموا على يوسف . فلما دخلوا عليه قالوا : ( يا أيها العزيز ) ، رجاء أن يرحمهم في شأن أخيهم ( مسنا وأهلنا الضر ) .

وعنى بقوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) بدراهم أو ثمن لا يجوز في ثمن الطعام إلا لمن يتجاوز فيها .

وأصل " الإزجاء " السوق بالدفع ، كما قال النابغة الذبياني :


وهبت الريح من تلقاء ذي أرل تزجي مع الليل من صرادها صرما

[ ص: 235 ]

يعني تسوق وتدفع ; ومنه قول أعشى بني ثعلبة :


الواهب المئة الهجان وعبدها     عوذا تزجي خلفها أطفالها



وقول حاتم :


ليبك على ملحان ضيف مدفع     وأرملة تزجي مع الليل أرملا



يعني أنها تسوقه بين يديها على ضعف منه عن المشي وعجز ; ولذلك قيل : ( ببضاعة مزجاة ) ، لأنها غير نافقة ، وإنما تجوز تجويزا على وضع من آخذيها .

وقد اختلف أهل التأويل في البيان عن تأويل ذلك ، وإن كانت معاني بيانهم متقاربة .

ذكر أقوال أهل التأويل في ذلك :

19741 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ببضاعة مزجاة ) قال : ردية زيوف لا تنفق حتى يوضع منها .

19742 - حدثنا الحسن بن محمد قال : حدثنا عمرو بن محمد العنقزي قال : حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال : الردية التي لا تنفق حتى يوضع منها . [ ص: 236 ]

19743 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال : خلق الغرارة والحبل والشيء .

19744 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن ابن أبي مليكة قال : سمعت ابن عباس ، وسئل عن قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال : رثة المتاع والحبل والغرارة والشيء .

19745 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، مثله .

19746 - حدثنا محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال : " البضاعة " ، الدراهم ، و " المزجاة " غير طائل .

19747 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن ابن أبي زياد ، عمن حدثه ، عن ابن عباس قال : كاسدة غير طائل .

19748 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو بكر بن عياش قال : حدثنا أبو حصين ، عن سعيد بن جبير ، وعكرمة ، : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال سعيد : ناقصة وقال عكرمة : دراهم فسول . [ ص: 237 ]

19749 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير وعكرمة ، مثله .

19750 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير وعكرمة : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال أحدهما : ناقصة . وقال الآخر : ردية .

19751 - . . . وبه قال : حدثنا أبي عن سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث قال : كان سمنا وصوفا .

19752 - حدثنا الحسن قال : حدثنا علي بن عاصم ، عن يزيد بن أبي زياد قال : سأل رجل عبد الله بن الحارث وأنا عنده عن قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال : قليلة ، متاع الأعراب : الصوف والسمن .

19753 - حدثنا إسحاق بن زياد القطان أبو يعقوب البصري ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق البلخي ، قال : حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن مروان بن عمرو العذري ، عن أبي إسماعيل ، عن أبي صالح ، في قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال الصنوبر والحبة الخضراء .

19754 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن يزيد بن الوليد ، عن إبراهيم ، في قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال : قليلة ، ألا تسمع إلى قوله : " فأوقر ركابنا " ، وهم يقرءون كذلك . [ ص: 238 ]

19755 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، أنه قال : ما أراها إلا القليلة ، لأنها في مصحف عبد الله : " وأوقر ركابنا " ، يعني قوله : " مزجاة " .

19756 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن القعقاع بن يزيد ، عن إبراهيم قال : قليلة ، ألم تسمع إلى قوله : " وأوقر ركابنا " ؟

19757 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي بكر الهذلي ، عن سعيد بن جبير والحسن : بضاعة مزجاة قال سعيد : الردية وقال الحسن : القليلة .

19758 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن يزيد ، عن عبد الله بن الحارث قال : متاع الأعراب سمن وصوف .

19759 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية قال : دراهم ليست بطائل .

19760 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( مزجاة ) ، قال : قليلة .

19761 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( مزجاة ) قال : قليلة .

19762 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19763 - . . . قال : حدثنا قبيصة بن عقبة ، قال : حدثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) قال : شيء من صوف ، وشيء من سمن . [ ص: 239 ]

19764 - . . . قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن قال : قليلة .

19765 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، عن ابن جريج ، عمن حدثه ، عن مجاهد : ( مزجاة ) قال : قليلة .

19766 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

19767 - . . . قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي حصين ، عن عكرمة قال : ناقصة وقال سعيد بن جبير : فسول .

19768 - . . . قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن أبي بكر ، عن سعيد بن جبير : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال : ردية .

19769 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : كاسدة لا تنفق .

19770 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : كاسدة .

19771 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبدة ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : كاسدة غير طائل .

19772 - حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( ببضاعة مزجاة ) ، يقول : كاسدة غير نافقة .

19773 - حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) ، قال الناقصة وقال عكرمة : فيها تجوز . [ ص: 240 ]

19774 - . . . قال : حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الدراهم الردية التي لا تجوز إلا بنقصان .

19775 - . . . قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد قال : الدراهم الرذال ، التي لا تجوز إلا بنقصان .

19776 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال : دراهم فيها جواز .

19777 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) : ، أي : يسيرة .

19778 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

19779 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) قال : " المزجاة " ، القليلة .

19780 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) : ، أي قليلة لا تبلغ ما كنا نشتري به منك ، إلا أن تتجاوز لنا فيها .

وقوله : ( فأوف لنا الكيل ) . . . . . بها وأعطنا بها ما كنت تعطينا [ ص: 241 ] قبل بالثمن الجيد والدراهم الجائزة الوافية التي لا ترد ، كما : -

19781 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( فأوف لنا الكيل ) : ، أي أعطنا ما كنت تعطينا قبل ، فإن بضاعتنا مزجاة .

19782 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي : ( فأوف لنا الكيل ) قال : كما كنت تعطينا بالدراهم الجياد .

وقوله : ( وتصدق علينا ) يقول تعالى ذكره : قالوا : وتفضل علينا بما بين سعر الجياد والردية ، فلا تنقصنا من سعر طعامك لردي بضاعتنا ( إن الله يجزي المتصدقين ) ، يقول : إن الله يثيب المتفضلين على أهل الحاجة بأموالهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19783 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي : ( وتصدق علينا ) ، قال : تفضل بما بين الجياد والردية .

19784 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن أبي بكر ، عن سعيد بن جبير : ( فأوف لنا الكيل وتصدق علينا ) ، لا تنقصنا من السعر من أجل ردي دراهمنا .

واختلفوا في الصدقة ، هل كانت حلالا للأنبياء قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، أو كانت حراما؟

فقال بعضهم : لم تكن حلالا لأحد من الأنبياء عليهم السلام .

ذكر من قال ذلك :

19785 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن أبي بكر ، عن سعيد بن جبير قال : ما سأل نبي قط الصدقة ، ولكنهم قالوا : [ ص: 242 ] ( جئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا ) ، لا تنقصنا من السعر .

وروي عن ابن عيينة ما : -

19786 - حدثني به الحارث ، قال : حدثنا القاسم قال : يحكى عن سفيان بن عيينة أنه سئل : هل حرمت الصدقة على أحد من الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال : ألم تسمع قوله : ( فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ) .

قال الحارث : قال القاسم : يذهب ابن عيينة إلى أنهم لم يقولوا ذلك إلا والصدقة لهم حلال ، وهم أنبياء ، فإن الصدقة إنما حرمت على محمد صلى الله عليه وسلم ، وعليهم .

وقال آخرون : إنما عنى بقوله : ( وتصدق علينا ) وتصدق علينا برد أخينا إلينا .

ذكر من قال ذلك :

19787 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ( وتصدق علينا ) قال : رد إلينا أخانا .

قال أبو جعفر : وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن جريج ، وإن كان قولا له وجه ، فليس بالقول المختار في تأويل قوله : ( وتصدق علينا ) لأن " الصدقة " في متعارف [ العرب ] ، إنما هي إعطاء الرجل ذا حاجة بعض أملاكه ابتغاء ثواب الله [ ص: 243 ] عليه ، وإن كان كل معروف صدقة ، فتوجيه تأويل كلام الله إلى الأغلب من معناه في كلام من نزل القرآن بلسانه أولى وأحرى .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال مجاهد .

19788 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن عثمان بن الأسود ، قال : سمعت مجاهدا ، وسئل : هل يكره أن يقول الرجل في دعائه : اللهم تصدق علي؟ فقال : نعم ، إنما الصدقة لمن يبغي الثواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية