[ ص: 296 ]  [ القول في تأويل قوله تعالى : ( 
حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين  ( 110 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : ( 
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى  ) ، فدعوا من أرسلنا إليهم ، فكذبوهم ، وردوا ما أتوا به من عند الله ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) الذين أرسلناهم إليهم منهم أن يؤمنوا بالله ، ويصدقوهم فيما أتوهم به من عند الله وظن الذين أرسلناهم إليهم من الأمم المكذبة أن الرسل الذين أرسلناهم قد كذبوهم فيما كانوا أخبروهم عن الله ، من وعده إياهم نصرهم عليهم ( 
جاءهم نصرنا  ) . 
وذلك قول جماعة من أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
19987 - حدثنا 
أبو السائب سلم بن جنادة  ، قال : حدثنا 
أبو معاوية  ، عن 
الأعمش  ، عن 
مسلم  ، عن 
ابن عباس  ، في قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم ، جاءهم النصر على ذلك ، فننجي من نشاء . 
19988 - حدثنا 
الحسن بن محمد  ، قال : حدثنا 
أبو معاوية الضرير  ، قال : حدثنا 
الأعمش  ، عن 
مسلم  ، عن 
ابن عباس ،  بنحوه غير أنه قال في حديثه ، قال : " أيست الرسل " ، ولم يقل : " لما أيست " .  
[ ص: 297 ] 
19989 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار  ، قال : حدثنا 
مؤمل  ، قال : حدثنا 
سفيان  ، عن 
عطاء بن السائب  ، عن 
سعيد بن جبير   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، أن يسلم قومهم ، وظن قوم الرسل أن الرسل قد كذبوا جاءهم نصرنا . 
19990 - حدثنا 
ابن بشار  ، قال : حدثنا 
مؤمل  ، قال : حدثنا 
سفيان  ، عن 
الأعمش  ، عن 
أبي الضحى  ، عن 
ابن عباس  ، مثله . 
19991 - حدثنا 
ابن وكيع  ، قال : حدثنا 
عمران بن عيينة  ، عن 
عطاء  ، عن 
سعيد بن جبير  ، عن 
ابن عباس   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : حتى إذا استيأس الرسل من قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا ، ( 
جاءهم نصرنا  ) . 
19992 - حدثنا 
ابن بشار  ، قال : حدثنا 
عبد الرحمن  ، قال : حدثنا 
سفيان  ، عن 
حصين  ، عن 
عمران السلمي  ، عن 
ابن عباس   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، أيس الرسل من قومهم أن يصدقوهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم . 
19993 - حدثنا 
عمرو بن عبد الحميد  ، قال : حدثنا 
جرير  ، عن 
حصين  ، عن 
عمران بن الحارث السلمي  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس  ، في قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، قال : استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : ظن قومهم أنهم جاءوهم بالكذب . 
19994 - حدثنا 
أبو كريب  ، قال : حدثنا 
ابن إدريس  ، قال : سمعت 
حصينا  ، عن 
عمران بن الحارث  ، عن 
ابن عباس   : حتى إذا استيأس الرسل من أن يستجيب لهم قومهم ، وظن قومهم أن قد كذبوهم ( 
جاءهم نصرنا  ) .  
[ ص: 298 ] 
19995 - حدثني 
أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس  ، قال : حدثنا 
عبثر  ، قال : حدثنا 
حصين  ، عن 
عمران بن الحارث  ، عن 
ابن عباس  ، في هذه الآية : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، قال : استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم فيما وعدوا وكذبوا ( 
جاءهم نصرنا  ) . 
19996 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى  ، قال : حدثنا 
ابن أبي عدي  ، عن 
شعبة  ، عن 
حصين  ، عن 
عمران بن الحارث  ، عن 
ابن عباس  ، قال : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، من نصر قومهم ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، ظن قومهم أنهم قد كذبوهم . 
19997 - حدثنا 
الحسن بن محمد  ، قال : حدثنا 
محمد بن الصباح  ، قال : حدثنا 
هشيم  ، قال : أخبرنا 
حصين  ، عن 
عمران بن الحارث  ، عن 
ابن عباس  ، في قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، قال : من قومهم أن يؤمنوا بهم ، وأن يستجيبوا لهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم ( 
جاءهم نصرنا  ) ، يعني الرسل . 
19998 - حدثني 
المثنى  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون  ، قال : أخبرنا 
هشيم  ، عن 
حصين  ، عن 
عمران بن الحارث  ، عن 
ابن عباس ،  بمثله سواء . 
19999 - حدثنا 
الحسن بن محمد  ، قال : حدثنا 
عبد الوهاب بن عطاء  ، عن 
هارون  ، عن 
عباد القرشي  ، عن 
عبد الرحمن بن معاوية  ، عن 
ابن عباس   : ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) خفيفة ، وتأويلها عنده : وظن القوم أن الرسل قد كذبوا .  
[ ص: 299 ] 
20000 - حدثنا 
أبو بكر  ، قال : حدثنا 
طلق بن غنام  ، عن 
زائدة  ، عن 
الأعمش  ، عن 
مسلم  ، عن 
ابن عباس  ، قال : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، من قومهم أن يصدقوهم ، وظن قومهم أن قد كذبتهم رسلهم ( 
جاءهم نصرنا  ) . 
20001 - حدثني 
المثنى  ، قال : حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال : حدثني 
معاوية  ، عن 
علي  ، عن 
ابن عباس  ، قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، يعني : أيس الرسل من أن يتبعهم قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا ، فينصر الله الرسل ، ويبعث العذاب . 
20002 - حدثني 
محمد بن سعد  ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا  ) ، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يطيعوهم ويتبعوهم ، وظن قومهم أن رسلهم كذبوهم ( 
جاءهم نصرنا  ) . 
20003 - حدثني 
المثنى  ، قال : حدثنا 
إسحاق  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل  ، عن 
حصين  ، عن 
عمران بن الحارث  ، عن 
ابن عباس   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، من قومهم ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : فما أبطأ عليهم إلا من ظن أنهم قد كذبوا . 
20004 - . . . . قال : حدثنا 
آدم العسقلاني  ، قال : حدثنا 
شعبة  ، قال :  
[ ص: 300 ] أخبرنا 
حصين بن عبد الرحمن  ، عن 
عمران بن الحارث  قال : سمعت 
ابن عباس  يقول : ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) خفيفة . وقال 
ابن عباس   : ظن القوم أن الرسل قد كذبوهم ، خفيفة . 
20005 - حدثنا 
ابن وكيع  ، قال : حدثنا 
جرير  ، عن 
عطاء  ، عن 
سعيد بن جبير  ، في قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، من قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم . 
20006 - . . . . قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل  ، عن 
خصيف  ، قال : سألت 
سعيد بن جبير  ، عن قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، من قومهم ، وظن الكفار أنهم هم كذبوا . 
20007 - حدثني 
يعقوب  والحسن بن محمد  ، قالا حدثنا 
إسماعيل بن علية   . قال : حدثنا 
كلثوم بن جبر  ، عن 
سعيد بن جبير  ، قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، من قومهم أن يؤمنوا ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم . 
20008 - حدثني 
المثنى  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16272عارم أبو النعمان  ، قال : حدثنا 
حماد بن زيد  ، قال : حدثنا 
شعيب  ، قال : حدثني 
إبراهيم بن أبي حرة الجزري  ، قال : سأل فتى من قريش 
سعيد بن جبير  ، فقال له : يا أبا عبد الله ، كيف تقرأ هذا الحرف ، فإني إذا أتيت عليه تمنيت أن لا أقرأ هذه السورة : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ؟ قال : نعم ، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم ، وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوا . قال : فقال 
الضحاك بن مزاحم   : ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكأ!! لو رحلت في هذه إلى اليمن كان قليلا!  
[ ص: 301 ] 
20009 - حدثني 
المثنى  ، قال : حدثنا 
الحجاج  ، قال : حدثنا 
ربيعة بن كلثوم  ، قال : حدثني أبي ، أن 
مسلم بن يسار  ، سأل 
سعيد بن جبير  ؛ فقال : يا أبا عبد الله ، آية بلغت مني كل مبلغ : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، فهذا الموت ، أن تظن الرسل أنهم قد كذبوا ، أو نظن أنهم قد كذبوا ، مخففة! قال : فقال 
سعيد بن جبير   : يا أبا عبد الرحمن ، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم ، وظن قومهم أن الرسل كذبتهم ( 
جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين  ) . قال : فقام 
مسلم  إلى 
سعيد  ، فاعتنقه وقال : فرج الله عنك كما فرجت عني 
20010 - حدثنا 
الحسن بن محمد  ، قال : حدثنا 
يحيى بن عباد  ، قال : حدثنا 
وهيب  ، قال : حدثنا 
أبو المعلى العطار  ، عن 
سعيد بن جبير  ، عن 
ابن عباس   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) قال : استيأس الرسل من إيمان قومهم؛ وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم ما كانوا يخبرونهم ويبلغونهم .  
[ ص: 302 ] 
20011 - . . . . قال : حدثنا 
شبابة  ، قال : حدثنا 
ورقاء  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  ، قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) أن يصدقهم قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا ، جاء الرسل نصرنا . 
20012 - حدثني 
محمد بن عمرو  ، قال : حدثنا 
أبو عاصم  ، قال : حدثنا 
عيسى  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد  ، مثله . 
20013 - حدثني 
المثنى   : قال : حدثنا 
الحجاج  ، قال : حدثنا 
حماد  ، عن 
عطاء بن السائب  ، عن 
سعيد بن جبير  ، في هذه الآية : حتى إذا استيأس الرسل من قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبت . 
20014 - . . . . قال : حدثنا 
حماد  ، عن 
كلثوم بن جبر  ، قال : قال لي 
سعيد بن جبير   : سألني سيد من ساداتكم عن هذه الآية فقلت : استيأس الرسل من قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبت . 
20015 - حدثني 
يونس  ، قال : أخبرنا 
ابن وهب  ، قال : قال 
ابن زيد  ، في قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : استيأس الرسل أن يؤمن قومهم بهم ، وظن قومهم المشركون أن الرسل قد كذبوا ما وعدهم الله من نصره إياهم عليهم ، وأخلفوا ، وقرأ : ( 
جاءهم نصرنا  ) ، قال : جاء الرسل النصر حينئذ . قال : وكان أبي يقرؤها : 
كذبوا  . 
20016 - حدثنا 
الحسن بن محمد  ، قال : حدثنا 
عبد الوهاب بن عطاء  ، عن 
سعيد  ، عن 
أبي المتوكل  ، عن 
أيوب ابن أبي صفوان  ، عن 
عبد الله بن الحارث  ،  
[ ص: 303 ] أنه قال : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، من إيمان قومهم ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، وظن القوم أنهم قد كذبوهم فيما جاءوهم به . 
20017 - حدثنا 
الحسن بن محمد  ، قال : حدثنا 
عبد الوهاب  ، عن 
جويبر  ، عن 
الضحاك  ، قال : ظن قومهم أن رسلهم قد كذبوهم فيما وعدوهم به . 
20018 - حدثنا 
القاسم  ، قال : حدثنا 
الحسين  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل  ، عن 
جحش بن زياد الضبي  ، عن 
تميم بن حذلم  ، قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  يقول في هذه الآية 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا ، قال : استيأس الرسل من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم ، وظن قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد كذبوا بالتخفيف  . 
20019 - حدثنا أبو 
المثنى  ، قال : حدثنا 
محمد بن جعفر  ، قال : حدثنا 
شعبة  ،  
[ ص: 304 ] عن 
أبي المعلى  ، عن 
سعيد بن جبير  ، في قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، قال : استيأس الرسل من نصر قومهم ، وظن قوم الرسل أن الرسل قد كذبوهم . 
20020 - حدثنا 
أحمد بن إسحاق  ، قال : حدثنا 
أبو أحمد  ، قال : حدثنا 
عمرو بن ثابت  ، عن أبيه ، عن 
سعيد بن جبير   : حتى إذا استيأس الرسل أن يصدقوهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم . 
20021 - . . . . قال : حدثنا 
أبو أحمد  ، قال : حدثنا 
إسرائيل  ، عن 
عطاء بن السائب  ، عن 
سعيد بن جبير  ، عن 
ابن عباس   : حتى إذا استيأس الرسل أن يصدقهم قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم . 
20022 - حدثت عن 
الحسين بن الفرج  ، قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : حدثنا 
عبيد بن سليمان  ، قال : سمعت 
الضحاك  في قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، يقول : استيأسوا من قومهم أن يجيبوهم ، ويؤمنوا بهم 
وظنوا يقول : وظن قوم الرسل أن الرسل قد كذبوهم الموعد . 
قال 
أبو جعفر   : والقراءة على هذا التأويل الذي ذكرنا في قوله : ( كذبوا ) بضم الكاف وتخفيف الذال . وذلك أيضا قراءة بعض قرأة 
أهل المدينة  وعامة قرأة 
أهل الكوفة   . 
وإنما اخترنا هذا التأويل وهذه القراءة؛ لأن ذلك عقيب قوله : ( 
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم  )  
[ ص: 305 ] فكان ذلك دليلا على أن إياس الرسل كان من إيمان قومهم الذين أهلكوا ، وأن المضمر في قوله : ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، إنما هو من ذكر الذين من قبلهم من الأمم الهالكة ، وزاد ذلك وضوحا أيضا ، إتباع الله في سياق الخبر عن الرسل وأممهم قوله : ( 
فنجي من نشاء  ) ، إذ الذين أهلكوا هم الذين ظنوا أن الرسل قد كذبتهم ، فكذبوهم ظنا منهم أنهم قد كذبوهم . 
وقد ذهب قوم ممن قرأ هذه القراءة ، إلى غير التأويل الذي اخترنا ، ووجهوا معناه إلى : حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم ، وظنت الرسل أنهم قد كذبوا فيما وعدوا من النصر . 
ذكر من قال ذلك : 
20023 - حدثنا 
الحسن بن محمد  ، قال : حدثنا 
عثمان بن عمر  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  ، قال : قرأ 
ابن عباس   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : كانوا بشرا ضعفوا ويئسوا  . 
20024 - . . . . قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، قال : أخبرني 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  ، عن 
ابن عباس  ، قرأ : ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، خفيفة ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   : أقول كما يقول : أخلفوا . قال عبد الله : قال لي 
ابن عباس   : كانوا بشرا . وتلا 
ابن عباس   : ( 
حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب  ) [ سورة البقرة : 214 ] قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة   : ذهب بها إلى أنهم ضعفوا فظنوا أنهم أخلفوا . 
20025 - حدثنا 
ابن بشار  ، قال : حدثنا 
مؤمل  ، قال : حدثنا 
سفيان  ، عن 
الأعمش  ، عن 
أبي الضحى  ، عن 
مسروق  ، عن 
عبد الله  ، أنه قرأ : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ،  
[ ص: 306 ] مخففة . قال 
عبد الله   : هو الذي تكره . 
20026 - . . . . قال : حدثنا 
أبو عامر  ، قال : حدثنا 
سفيان  ، عن 
سليمان  ، عن 
أبي الضحى  ، عن 
مسروق  ، أن رجلا سأل 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : هو الذي تكره ، مخففة . 
20027 - . . . . قال : حدثنا 
محمد بن جعفر  ، قال : حدثنا 
شعبة  ، عن 
أبي بشر  ، عن 
سعيد بن جبير  ، أنه قال في هذه الآية : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قلت : "كذبوا "! قال : نعم ألم يكونوا بشرا؟ 
20028 - حدثنا 
الحارث  ، قال : حدثنا 
عبد العزيز  ، قال : حدثنا 
إسرائيل  ، عن 
سماك  ، عن 
عكرمة  ، عن 
ابن عباس  ، في قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : كانوا بشرا ، قد ظنوا . 
قال 
أبو جعفر   : وهذا تأويل وقول ، غيره من التأويل أولى عندي بالصواب ، وخلافه من القول أشبه بصفات الأنبياء والرسل إن جاز أن يرتابوا بوعد الله إياهم ويشكوا في حقيقة خبره ، مع معاينتهم من حجج الله وأدلته ما لا يعاينه المرسل إليهم فيعذروا في ذلك ، فإن المرسل إليهم لأولى في ذلك منهم بالعذر . وذلك قول إن قاله قائل لا يخفى أمره . 
وقد ذكر هذا التأويل الذي ذكرناه أخيرا عن 
ابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة  ، فأنكرته أشد النكرة فيما ذكر لنا . 
ذكر الرواية بذلك عنها ، رضوان الله عليها : 
20029 - حدثنا 
الحسن بن محمد  ، قال : حدثنا 
عثمان بن عمر  ، قال : حدثنا  
[ ص: 307 ]  nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  ، قال : قرأ 
ابن عباس   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، فقال : كانوا بشرا ، ضعفوا ويئسوا قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة   : فذكرت ذلك 
لعروة  ، فقال : قالت 
عائشة   : معاذ الله! ما حدث الله رسوله شيئا قط إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت ، ولكن لم يزل البلاء بالرسل حتى ظن الأنبياء أن من تبعهم قد كذبوهم . فكانت تقرؤها : "قد كذبوا" تثقلها . 
20030 - . . . . قال : حدثنا 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، قال : أخبرني 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  ، أن 
ابن عباس  قرأ : ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، خفيفة ، قال 
عبد الله   : ثم قال لي 
ابن عباس   : كانوا بشرا وتلا 
ابن عباس   : ( 
حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب  ) ا [ سورة البقرة : 214 ] قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة   : يذهب بها إلى أنهم ضعفوا ، فظنوا أنهم أخلفوا . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة   : وأخبرني 
عروة  عن 
عائشة  ، أنها خالفت ذلك وأبته ، وقالت : ما وعد الله 
محمدا  صلى الله عليه وسلم من شيء إلا وقد علم أنه سيكون حتى مات ، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من المؤمنين قد كذبوهم . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  في حديث 
عروة   : كانت 
عائشة  تقرؤها : "وظنوا أنهم قد كذبوا" مثقلة ، للتكذيب . 
20031 - . . . . قال : حدثنا 
سليمان بن داود الهاشمي  ، قال : حدثنا 
إبراهيم بن سعد  ، قال : حدثني 
صالح بن كيسان  ، عن 
ابن شهاب  ، عن 
عروة  ،  
[ ص: 308 ] عن 
عائشة  قال : قلت لها : قوله : ( 
حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : قالت 
عائشة   : لقد استيقنوا أنهم قد كذبوا . قلت : "كذبوا" . قالت : معاذ الله ، لم تكن الرسل تظن بربها ، إنما هم أتباع الرسل ، لما استأخر عنهم الوحي ، واشتد عليهم البلاء ، ظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم ( 
جاءهم نصرنا  ) . 
20032 - حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى  ، قال : حدثنا 
محمد بن ثور  ، عن 
معمر  ، عن 
الزهري  ، عن 
عروة  ، عن 
عائشة  ، قالت : حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم أن يصدقوهم ، وظنت الرسل أن من قد آمن من قومهم قد كذبوهم ، جاءهم نصر الله عند ذلك . 
قال 
أبو جعفر   : فهذا ما روي في ذلك عن 
عائشة  ، غير أنها كانت تقرأ : "كذبوا" ، بالتشديد وضم الكاف ، بمعنى ما ذكرنا عنها من أن الرسل ظنت بأتباعها الذين قد آمنوا بهم ، أنهم قد كذبوهم ، فارتدوا عن دينهم ، استبطاء منهم للنصر . 
وقد بينا أن الذي نختار من القراءة في ذلك والتأويل غيره في هذا الحرف خاصة . 
وقال آخرون ممن قرأ قوله : "كذبوا" بضم الكاف وتشديد الذال : معنى ذلك : حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم ويصدقوهم ، وظنت الرسل ، بمعنى : واستيقنت أنهم قد كذبهم أممهم ، جاءت الرسل نصرتنا . وقالوا :  
[ ص: 309 ]  "الظن" في هذا بمعنى العلم ، من قول الشاعر : 
فظنوا بألفي فارس متلبب سراتهم في الفارسي المسرد 
ذكر من قال ذلك : 
20033 - حدثنا 
بشر  ، قال : حدثنا 
يزيد  ، قال : حدثنا 
سعيد  ، عن 
قتادة  ، عن 
الحسن  وهو قول 
قتادة   : حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم ، وظنوا أنهم قد كذبوا ، أي استيقنوا أنه لا خير عند قومهم ، ولا إيمان ( 
جاءهم نصرنا  ) . 
20034 - حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى  ، قال : حدثنا 
محمد بن ثور  ، عن 
معمر  ، عن 
قتادة   : ( 
حتى إذا استيأس الرسل  ) ، قال : من قومهم ( 
وظنوا أنهم قد كذبوا  ) ، قال : وعلموا أنهم قد كذبوا ( 
جاءهم نصرنا  ) . 
قال 
أبو جعفر   : وبهذه القراءة كانت تقرأ عامة قرأة 
المدينة  والبصرة  والشأم  ، أعني بتشديد الذال من "كذبوا" وضم كافها . 
وهذا التأويل الذي ذهب إليه 
الحسن  وقتادة  في ذلك ، إذا قرئ بتشديد الذال وضم الكاف ، خلاف لما ذكرنا من أقوال جميع من حكينا قوله من 
الصحابة  لأنه لم يوجه "الظن" في هذا الموضع منهم أحد إلى معنى العلم واليقين ، مع أن "الظن" إنما استعمله العرب في موضع العلم فيما كان من علم أدرك من جهة الخبر أو من غير وجه المشاهدة والمعاينة . فأما ما كان من علم أدرك من وجه المشاهدة والمعاينة ، فإنها لا تستعمل فيه "الظن" لا تكاد تقول : "أظنني حيا ، وأظنني إنسانا" بمعنى : أعلمني إنسانا ، وأعلمني حيا . والرسل الذين كذبتهم أممهم ، لا شك أنها كانت لأممها شاهدة ، ولتكذيبها إياها منها سامعة ، فيقال فيها : ظنت بأممها أنها كذبتها . 
وروي عن 
مجاهد  في ذلك قول هو خلاف جميع ما ذكرنا من أقوال الماضين الذين سمينا أسماءهم وذكرنا أقوالهم ، وتأويل خلاف تأويلهم ، وقراءة غير قراءة  
[ ص: 310 ] جميعهم ، وهو أنه ، فيما ذكر عنه ، كان يقرأ : " وظنوا أنهم قد كذبوا" بفتح الكاف والذال وتخفيف الذال . 
ذكر الرواية عنه بذلك : 
20035 - حدثني 
أحمد بن يوسف  ، قال : حدثنا 
أبو عبيد  ، قال : حدثنا 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
مجاهد  ، أنه قرأها : "كذبوا" بفتح الكاف بالتخفيف . 
وكان يتأوله كما : - 
20036 - حدثنا 
القاسم  ، قال : حدثنا 
الحسين  ، قال : حدثني 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
مجاهد   : استيأس الرسل أن يعذب قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا ( 
جاءهم نصرنا  ) ، قال : جاء الرسل نصرنا . قال 
مجاهد   : قال في "المؤمن" ( 
فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم  ) ، قال : قولهم : "نحن أعلم منهم ولن نعذب" . وقوله : ( 
وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون  ) ، [ سورة غافر : 83 ] ، قال : حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق . 
قال 
أبو جعفر   : وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها ، لإجماع الحجة من قرأة الأمصار على خلافها . ولو جازت القراءة بذلك لاحتمل وجها من التأويل ، وهو أحسن مما تأوله 
مجاهد  ، وهو : حتى إذا استيأس الرسل من عذاب الله قومها المكذبة بها ، وظنت الرسل أن قومها قد كذبوا وافتروا على الله بكفرهم بها ، ويكون "الظن" موجها حينئذ إلى معنى العلم ، على ما تأوله 
الحسن  وقتادة   . 
وأما قوله : ( 
فنجي من نشاء  ) فإن القرأة اختلفت في قراءته . 
فقرأه عامة قرأة 
أهل المدينة  ومكة  والعراق   : "فننجي من نشاء" مخففة بنونين ،  
[ ص: 311 ] بمعنى : فننجي نحن من نشاء من رسلنا والمؤمنين بنا ، دون الكافرين الذين كذبوا رسلنا ، إذا جاء الرسل نصرنا . 
واعتل الذين قرءوا ذلك كذلك ، أنه إنما كتب في المصحف بنون واحدة ، وحكمه أن يكون بنونين؛ لأن إحدى النونين حرف من أصل الكلمة ، من : "أنجى ينجي" والأخرى "النون" التي تأتي لمعنى الدلالة على الاستقبال ، من فعل جماعة مخبرة عن أنفسها؛ لأنهما حرفان - أعني النونين - من جنس واحد يخفى الثاني منهما عن الإظهار في الكلام ، فحذفت من الخط ، واجتزئ بالمثبتة من المحذوفة ، كما يفعل ذلك في الحرفين اللذين يدغم أحدهما في صاحبه . 
وقرأ ذلك بعض 
الكوفيين  على هذا المعنى ، غير أنه أدغم النون الثانية وشدد الجيم . 
وقرأه آخر منهم بتشديد الجيم ونصب الياء ، على معنى فعل ذلك به ، من : "نجيته أنجيه" . 
وقرأ ذلك بعض 
المكيين   : "فنجا من نشاء" بفتح النون والتخفيف ، من : "نجا ينجو" . 
قال 
أبو جعفر   : والصواب من القراءة في ذلك عندنا ، قراءة من قرأه : "فننجي من نشاء" بنونين؛ لأن ذلك هو القراءة التي عليها القرأة في الأمصار ، وما خالفه ممن قرأ ذلك ببعض الوجوه التي ذكرناها ، فمنفرد بقراءته عما عليه الحجة مجمعة من القرأة . وغير جائز خلاف ما كان مستفيضا بالقراءة في قرأة الأمصار .  
[ ص: 312 ] 
قال 
أبو جعفر   : وتأويل الكلام : فننجي الرسل ومن نشاء من عبادنا المؤمنين إذا جاء نصرنا ، كما : - 
20037 - حدثني 
محمد بن سعد  ، قال : حدثني أبي ، قال حدثني عمي : قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس   : "فننجي من نشاء" فننجي الرسل ومن نشاء ( 
ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين  ) ، وذلك أن الله تبارك وتعالى بعث الرسل ، فدعوا قومهم ، وأخبروهم أنه من أطاع نجا ، ومن عصاه عذب وغوى . 
وقوله : ( 
ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين  ) ، يقول : ولا ترد عقوبتنا وبطشنا بمن بطشنا به من أهل الكفر بنا وعن القوم الذين أجرموا ، فكفروا بالله ، وخالفوا رسله وما أتوهم به من عنده .