صفحة جزء
[ ص: 423 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ( 23 ) سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ( 24 ) )

قال أبو جعفر : يقول ( جنات عدن ) ، ترجمة عن ( عقبى الدار ) كما يقال : "نعم الرجل عبد الله" فعبد الله هو الرجل المقول له : "نعم الرجل" وتأويل الكلام : أولئك لهم عقيب طاعتهم ربهم الدار التي هي جنات عدن .

وقد بينا معنى قوله : ( عدن ) ، وأنه بمعنى الإقامة التي لا ظعن معها .

وقوله : ( ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) ، يقول تعالى ذكره : جنات عدن يدخلها هؤلاء الذين وصف صفتهم وهم الذين يوفون بعهد الله ، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم ، وأقاموا الصلاة ، وفعلوا الأفعال التي ذكرها جل ثناؤه في هذه الآيات الثلاث ( ومن صلح من آبائهم وأزواجهم ) ، وهي نساؤهم وأهلوهم وذرياتهم . و "صلاحهم" إيمانهم بالله واتباعهم أمره وأمر رسوله عليه السلام . كما : -

20338 - حدثنا الحسن بن محمد قال : حدثنا شبابة قال : حدثنا ورقاء ، [ ص: 424 ] عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ومن صلح من آبائهم ) قال : من آمن في الدنيا .

20339 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد

20340 - وحدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

20341 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( ومن صلح من آبائهم ) قال : من آمن من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم .

وقوله : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم ) ، يقول تعالى ذكره : وتدخل الملائكة على هؤلاء الذين وصف جل ثناؤه صفتهم في هذه الآيات الثلاث في جنات عدن ، من كل باب منها ، يقولون لهم : ( سلام عليكم بما صبرتم ) على طاعة ربكم في الدنيا ( فنعم عقبى الدار ) .

وذكر أن لجنات عدن خمسة آلاف باب .

20342 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا علي بن جرير قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن نافع بن عاصم ، عن عبد الله بن عمرو قال : إن في الجنة قصرا يقال له "عدن" حوله البروج والمروج ، فيه خمسة آلاف باب ، على كل باب خمسة آلاف حبرة ، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد .

20343 - . . . قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، [ ص: 425 ] عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : ( جنات عدن ) قال : مدينة الجنة ، فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى ، والناس حولهم بعدد الجنات حولها .

وحذف من قوله : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ) ، "يقولون" اكتفاء بدلالة الكلام عليه ، كما حذف ذلك من قوله : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا ) . [ سورة السجدة : 12 ]

20344 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن بقية بن الوليد قال : حدثني أرطاة بن المنذر قال : سمعت رجلا من مشيخة الجند يقال له "أبو الحجاج" يقول : جلست إلى أبي أمامة فقال : إن المؤمن ليكون متكئا على أريكته إذا دخل الجنة ، وعنده سماطان من خدم ، وعند طرف السماطين باب مبوب ، فيقبل الملك يستأذن؛ فيقول أقصى الخدم للذي يليه : "ملك يستأذن" ويقول الذي يليه للذي يليه : ملك يستأذن حتى يبلغ المؤمن فيقول : ائذنوا . فيقول أقربهم إلى المؤمن ائذنوا . ويقول الذي يليه للذي يليه : ائذنوا . فكذلك حتى [ ص: 426 ] يبلغ أقصاهم الذي عند الباب ، فيفتح له ، فيدخل فيسلم ثم ينصرف .

20345 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن إبراهيم بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن محمد بن إبراهيم قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول : "السلام عليكم [ ص: 427 ] بما صبرتم فنعم عقبى الدار" وأبو بكر وعمر وعثمان .

وأما قوله : ( سلام عليكم بما صبرتم ) فإن أهل التأويل قالوا في ذلك نحو قولنا فيه .

ذكر من قال ذلك :

20346 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران الجوني أنه تلا هذه الآية : ( سلام عليكم بما صبرتم ) قال : على دينكم .

20347 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( سلام عليكم بما صبرتم ) قال : حين صبروا بما يحبه الله فقدموه . وقرأ : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) ، حتى بلغ : ( وكان سعيكم مشكورا ) [ سورة الإنسان : 2 - 22 ] وصبروا عما كره الله وحرم عليهم ، وصبروا على ما ثقل عليهم وأحبه الله ، فسلم عليهم بذلك . وقرأ : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) .

وأما قوله : ( فنعم عقبى الدار ) فإن معناه إن شاء الله كما : -

20348 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال حدثنا عبد الرزاق ، عن جعفر ، عن أبي عمران الجوني في قوله ( فنعم عقبى الدار ) قال : الجنة من النار .

التالي السابق


الخدمات العلمية