صفحة جزء
[ ص: 526 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ( 7 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : واذكروا أيضا حين آذنكم ربكم .

و "تأذن" "تفعل" من "آذن" . والعرب ربما وضعت "تفعل" موضع "أفعل" كما قالوا : "أوعدته" و "توعدته" بمعنى واحد . و "آذن" أعلم ، كما قال الحارث بن حلزة :


آذنتنا ببينها أسماء رب ثاو يمل منه الثواء



يعني بقوله : " آذنتنا" أعلمتنا .

وذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ : ( وإذ تأذن ربكم ) : "وإذ قال ربكم" -

20583 - حدثني بذلك الحارث قال : حدثني عبد العزيز قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش عنه .

20584 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وإذ تأذن ربكم ) ، وإذ قال ربكم ، ذلك "التأذن" .

وقوله : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، يقول : لئن شكرتم ربكم ، بطاعتكم إياه [ ص: 527 ] فيما أمركم ونهاكم ، لأزيدنكم في أياديه عندكم ونعمه عليكم ، على ما قد أعطاكم من النجاة من آل فرعون والخلاص من عذابهم .

وقيل في ذلك قول غيره ، وهو ما : -

20585 - حدثنا الحسن بن محمد قال : حدثنا الحسين بن الحسن قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت علي بن صالح ، يقول في قول الله عز وجل : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، قال : أي من طاعتي .

20586 - حدثنا المثنى قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت علي بن صالح ، فذكر نحوه .

20587 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، قال : من طاعتي .

20588 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا مالك بن مغول ، عن أبان بن أبي عياش ، عن الحسن ، في قوله : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، قال : من طاعتي .

قال أبو جعفر : ولا وجه لهذا القول يفهم؛ لأنه لم يجر للطاعة في هذا الموضع ذكر فيقال : إن شكرتموني عليها زدتكم منها ، وإنما جرى ذكر الخبر عن إنعام الله على قوم موسى بقوله : ( وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم ) ، ثم أخبرهم أن الله أعلمهم إن شكروه على هذه النعمة زادهم . فالواجب في المفهوم أن يكون معنى الكلام : زادهم من نعمه ، لا مما لم يجر له ذكر من "الطاعة" إلا أن يكون أريد به : لئن شكرتم فأطعتموني بالشكر ، لأزيدنكم من أسباب الشكر ما يعينكم عليه ، فيكون ذلك وجها .

[ ص: 528 ] وقوله : ( ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) ، يقول : ولئن كفرتم ، أيها القوم ، نعمة الله ، فجحدتموها بترك شكره عليها وخلافه في أمره ونهيه ، وركوبكم معاصيه ( إن عذابي لشديد ) ، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي .

وكان بعض البصريين يقول في معنى قوله : ( وإذ تأذن ربكم ) ، وتأذن ربكم . ويقول : "إذ" من حروف الزوائد ، وقد دللنا على فساد ذلك فيما مضى قبل .

التالي السابق


الخدمات العلمية