[ ص: 67 ] القول في 
تأويل قوله تعالى : ( ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين  ( 8 ) ) 
اختلفت القراء في قراءة قوله ( 
ما ننزل الملائكة  ) فقرأ ذلك عامة قراء 
المدينة  والبصرة   ( ما تنزل الملائكة ) بالتاء تنزل وفتحها ورفع الملائكة ، بمعنى : ما تنزل الملائكة ، على أن الفعل للملائكة . وقرأ ذلك عامة قراء 
أهل الكوفة    ( 
ما ننزل الملائكة  ) بالنون في ننزل وتشديد الزاي ونصب الملائكة ، بمعنى : ما ننزلها نحن ، والملائكة حينئذ منصوب بوقوع ننزل عليها . وقرأه بعض قراء 
أهل الكوفة    ( ما تنزل الملائكة ) برفع الملائكة والتاء في تنزل وضمها ، على وجه ما لم يسم فاعله . 
قال 
أبو جعفر   : وكل هذه القراءات الثلاث متقاربات المعاني ، وذلك أن الملائكة إذا نزلها الله على رسول من رسله تنزلت إليه ، وإذا تنزلت إليه ، فإنما تنزل بإنزال الله إياها إليه ، فبأي هذه القراءات الثلاث قرأ ذلك القارئ فمصيب الصواب في ذلك ، وإن كنت أحب لقارئه أن لا يعدو في قراءته إحدى القراءتين اللتين ذكرت من قراءة 
أهل المدينة  ، والأخرى التي عليها جمهور قراء 
الكوفيين ،  لأن ذلك هو القراءة المعروفة في العامة ، والأخرى : أعني قراءة من قرأ ذلك : ( ما تنزل ) بضم التاء في تنزل ورفع الملائكة شاذة قليل من قرأ بها . 
فتأويل الكلام : ما ننزل ملائكتنا إلا بالحق ، يعني بالرسالة إلى رسلنا ، أو بالعذاب لمن أردنا تعذيبه . ولو أرسلنا إلى هؤلاء المشركين على ما يسألون إرسالهم معك آية فكفروا لم ينظروا فيؤخروا بالعذاب ، بل عوجلوا به كما فعلنا ذلك بمن قبلهم من الأمم حين سألوا الآيات فكفروا حين آتتهم الآيات ، فعاجلناهم بالعقوبة . 
وبنحو الذي قلنا في قوله ( 
ما ننزل الملائكة إلا بالحق  ) قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى ،  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  وحدثنا 
الحسن بن محمد ،  قال : ثنا 
شبابة ،  قال : ثنا 
ورقاء ،  وحدثني 
المثنى ،  قال :  
[ ص: 68 ] ثنا 
أبو حذيفة ،  قال : ثنا 
شبل  جميعا ، عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد ،  في قوله ( 
ما ننزل الملائكة إلا بالحق  ) قال : بالرسالة والعذاب  . 
حدثنا 
القاسم ،  قال : ثنا 
الحسين ،  قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  عن 
مجاهد ،  مثله .