القول في 
تأويل قوله تعالى : ( خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين  ( 4 ) ) 
يقول تعالى ذكره : ومن حججه عليكم أيضا أيها الناس ، أنه خلق الإنسان من نطفة ، فأحدث من ماء مهين خلقا عجيبا ، قلبه تارات خلقا بعد خلق في ظلمات ثلاث ، ثم أخرجه إلى ضياء الدنيا بعد ما تم خلقه ونفخ فيه الروح ، فغذاه ورزقه القوت ونماه ، حتى إذا استوى على سوقه كفر بنعمة ربه وجحد مدبره وعبد من لا يضر ولا ينفع ، وخاصم إلهه ، فقال ( 
من يحيي العظام وهي رميم  ) ونسي الذي خلقه فسواه خلقا سويا من ماء مهين ، ويعني بالمبين : أنه يبين عن خصومته بمنطقه ، ويجادل بلسانه ، فذلك إبانته ، وعنى بالإنسان : جميع الناس ، أخرج بلفظ الواحد ، وهو في معنى الجميع .