القول في 
تأويل قوله تعالى : ( وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين  ( 9 ) ) 
يقول تعالى ذكره : وعلى الله أيها الناس بيان طريق الحق لكم ، فمن اهتدى فلنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها ، والسبيل : هي الطريق ، والقصد من الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ، كما قال الراجز : 
فصد عن نهج الطريق القاصد 
 [ ص: 175 ] وقوله : ( 
ومنها جائر  ) يعني تعالى ذكره : ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج ، فالقاصد من السبيل : الإسلام ، والجائر منها : 
اليهودية  والنصرانية  ، وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل وقصدها ، سوى الحنيفية المسلمة ، وقيل : ومنها جائر ، لأن السبيل يؤنث ويذكر ، فأنثت في هذا الموضع ، وقد كان بعضهم يقول : وإنما قيل : ومنها ، لأن السبيل وإن كان لفظها لفظ واحد فمعناها الجمع . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني 
المثنى ،  قال : أخبرنا 
أبو صالح ،  قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس ،  قوله ( 
وعلى الله قصد السبيل  ) يقول : البيان . 
حدثنا 
محمد بن سعد  ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن 
ابن عباس ،  قوله ( 
وعلى الله قصد السبيل  ) يقول : على الله البيان ، أن يبين الهدى والضلالة  . 
حدثني 
محمد بن عمرو ،  قال : ثنا 
أبو عاصم ،  قال : ثنا 
عيسى  وحدثني 
الحارث ،  قال : ثنا 
الحسن   . قال : ثنا 
ورقاء  وحدثني 
المثنى ،  قال : أخبرنا 
أبو حذيفة ،  قال : ثنا 
شبل  وحدثني 
المثنى ،  قال : أخبرنا 
إسحاق ،  قال : ثنا 
عبد الله ،  عن 
ورقاء ،  جميعا عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   ( 
وعلى الله قصد السبيل  ) قال : طريق الحق على الله  . 
حدثنا 
القاسم ،  قال : ثنا 
الحسين ،  قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  عن 
مجاهد ،  مثله . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  في قوله ( 
وعلى الله قصد السبيل  ) يقول : على الله البيان ، بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته . 
حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله ( 
وعلى الله قصد السبيل  ) قال : السبيل : طريق الهدى  .  
[ ص: 176 ] حدثنا 
ابن وكيع ،  قال : ثنا 
أبو معاوية ،  عن 
جويبر ،  عن 
الضحاك   ( 
وعلى الله قصد السبيل  ) قال : إنارتها  . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : ثنا 
عبيد بن سليمان ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله ( 
وعلى الله قصد السبيل  ) يقول : على الله البيان ، يبين الهدى من الضلالة ، ويبين السبيل التي تفرقت عن سبله ، ومنها جائر . 
حدثنا 
بشر ،  قال : ثنا 
يزيد ،  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
ومنها جائر  ) : أي من السبل ، سبل الشيطان ، وفي قراءة 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود   : "ومنكم جائر ولو شاء الله لهداكم أجمعين " . 
حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى ،  قال : ثنا 
محمد بن ثور ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة   ( 
ومنها جائر  ) قال : في حرف 
ابن مسعود   : "ومنكم جائر" . 
حدثني 
محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس ،  في قوله ( 
ومنها جائر  ) يعني : السبل المتفرقة . 
حدثني 
علي بن داود ،  قال : ثنا 
عبد الله ،  قال : ثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس ،  في قوله ( 
ومنها جائر  ) يقول : الأهواء المختلفة  . 
حدثت عن 
الحسين ،  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول : ثنا 
عبيد بن سليمان ،  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله ( 
ومنها جائر  ) يعني السبل التي تفرقت عن سبيله  . 
حدثنا 
القاسم ،  قال : ثنا 
الحسين ،  قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   ( 
ومنها جائر  ) السبل المتفرقة عن سبيله  . 
حدثنا 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله ( 
ومنها جائر  ) قال : من السبل جائر عن الحق قال : قال الله ( 
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله  ) 
وقوله : ( 
ولو شاء لهداكم أجمعين  ) يقول : ولو شاء الله للطف بجميعكم أيها الناس بتوفيقه ، فكنتم تهتدون وتلزمون قصد السبيل ، ولا تجورون عنه ، فتتفرقون في سبل عن الحق جائرة .  
[ ص: 177 ] كما حدثني 
يونس ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد ،  في قوله ( 
ولو شاء لهداكم أجمعين  ) قال : لو شاء لهداكم أجمعين لقصد السبيل ، الذي هو الحق ، وقرأ ( 
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا  ) الآية ، وقرأ ( 
ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها  ) . . . الآية .