صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 38 ) )

[ ص: 203 ] يقول تعالى ذكره : وحلف هؤلاء المشركون من قريش بالله جهد أيمانهم حلفهم ، لا يبعث الله من يموت بعد مماته ، وكذبوا وأبطلوا في أيمانهم التي حلفوا بها كذلك ، بل سيبعثه الله بعد مماته ، وعدا عليه أن يبعثهم وعد عباده ، والله لا يخلف الميعاد ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) يقول : ولكن أكثر قريش لا يعلمون وعد الله عباده ، أنه باعثهم يوم القيامة بعد مماتهم أحياء .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ) تكذيبا بأمر الله أو بأمرنا ، فإن الناس صاروا في البعث فريقين : مكذب ومصدق ، ذكر لنا أن رجلا قال لابن عباس : إن ناسا بهذا العراق يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ، ويتأولون هذه الآية ، فقال ابن عباس : كذب أولئك ، إنما هذه الآية للناس عامة ، ولعمري لو كان علي مبعوثا قبل يوم القيامة ما أنكحنا نساءه ، ولا قسمنا ميراثه .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال ابن عباس : إن رجالا يقولون : إن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ، ويتأولون ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) قال : لو كنا نعلم أن عليا مبعوث ، ما تزوجنا نساءه ولا قسمنا ميراثه ، ولكن هذه للناس عامة .

حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن أبيه ، عن الربيع ، في قوله ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ) قال : حلف رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند رجل من المكذبين ، فقال : والذي يرسل الروح من بعد الموت ، فقال : وإنك لتزعم أنك مبعوث من بعد الموت ، وأقسم بالله جهد يمينه : لا يبعث الله من يموت .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين ، فأتاه يتقاضاه ، فكان فيما تكلم به : والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا ، [ ص: 204 ] فقال المشرك : إنك تزعم أنك تبعث بعد الموت ، فأقسم بالله جهد يمينه : لا يبعث الله من يموت ، فأنزل الله ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عطاء بن أبي رباح أنه أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول : "قال الله : سبني ابن آدم ، ولم يكن ينبغي له أن يسبني ، وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني فأما تكذيبه إياي ، فقال ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ) قال : قلت ( بلى وعدا عليه حقا ) وأما سبه إياي ، فقال : ( إن الله ثالث ثلاثة ) وقلت ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية