صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ( 43 ) )

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلى أمة من الأمم ، للدعاء إلى توحيدنا ، والانتهاء إلى أمرنا ونهينا ، إلا رجالا من بني آدم نوحي إليهم وحينا لا ملائكة ، يقول : فلم نرسل إلى قومك إلا مثل الذي كنا نرسل إلى من قبلهم من الأمم من جنسهم وعلى منهاجهم ( فاسألوا أهل الذكر ) [ ص: 208 ] يقول لمشركي قريش : وإن كنتم لا تعلمون أن الذين كنا نرسل إلى من قبلكم من الأمم رجال من بني آدم مثل محمد صلى الله عليه وسلم وقلتم : هم ملائكة : أي ظننتم أن الله كلمهم قبلا فاسألوا أهل الذكر ، وهم الذين قد قرءوا الكتب من قبلهم : التوراة والإنجيل ، وغير ذلك من كتب الله التي أنزلها على عباده .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا المحاربي ، عن ليث ، عن مجاهد ( فاسألوا أهل الذكر ) قال : أهل التوراة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا المحاربي ، عن سفيان ، قال : سألت الأعمش ، عن قوله ( فاسألوا أهل الذكر ) قال : سمعنا أنه من أسلم من أهل التوراة والإنجيل . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال : هم أهل الكتاب .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال : قال لمشركي قريش : إن محمدا في التوراة والإنجيل .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثمان بن سعيد ، قال : ثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : لما بعث الله محمدا رسولا أنكرت العرب ذلك ، أو من أنكر منهم ، وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد ، قال : فأنزل الله ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم ) وقال : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر ) فاسألوا أهل الذكر : يعني أهل الكتب الماضية ، أبشرا كانت الرسل التي أتتكم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة أنكرتم ، وإن كانوا بشرا فلا تنكروا أن يكونمحمد رسولا قال : ثم قال ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم .

وقال آخرون في ذلك ما حدثنا به ابن وكيع ، قال : ثنا ابن يمان ، عن [ ص: 209 ] إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال : نحن أهل الذكر .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال : الذكر : القرآن ، وقرأ ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) وقرأ ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ) . . . الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية