القول في تأويل قوله تعالى : ( 
يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون  ( 59 ) ) 
يقول تعالى ذكره : يتوارى هذا المبشر بولادة الأنثى من الولد له من القوم ، فيغيب عن أبصارهم ( 
من سوء ما بشر به  ) يعني : من مساءته إياه مميلا بين أن يمسكه على هون : أي على هوان ، وكذلك ذلك في لغة 
قريش  فيما ذكر لي ، يقولون للهوان : الهون ; ومنه قول 
الحطيئة   : 
فلما خشيت الهون والعير ممسك على رغمه ما أثبت الحبل حافره 
 [ ص: 229 ] وبعض 
بني تميم  جعل الهون مصدرا للشيء الهين ، ذكر الكسائي أنه سمعهم يقولون : إن كنت لقليل هون المؤنة منذ اليوم قال : وسمعت : الهوان في مثل هذا المعنى ، سمعت منهم قائلا يقول لبعير له : ما به بأس غير هوانه ، يعني خفيف الثمن ، فإذا قالوا : هو يمشي على هونه ، لم يقولوه إلا بفتح الهاء ، كما قال تعالى ( 
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا  ) . ( 
أم يدسه في التراب  ) يقول : يدفنه حيا في التراب فيئده . 
كما حدثنا 
القاسم ،  قال : ثنا 
الحسين ،  قال : ثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   ( 
أيمسكه على هون أم يدسه في التراب  ) يئد ابنته . 
وقوله : ( 
ألا ساء ما يحكمون  ) يقول : ألا ساء الحكم الذي يحكم هؤلاء المشركون ، وذلك أن جعلوا لله ما لا يرضون لأنفسهم ، وجعلوا لما لا ينفعهم ولا يضرهم شركا فيما رزقهم الله ، وعبدوا غير من خلقهم وأنعم عليهم .